مقوضة لبنيان الجماعة، وهادمة للأمن، وكان معنى التخصيص واضحا، إذ هي عقوبة ليس لها بديل من سواها، أي لَا جزاء للجريمة ولا كفاء لها إلا ذلك العقاب.
العبارة الثانية - هي قوله تعالى:(يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ). ومعناها: يحاربون شرع الله ورسوله بالانتقاض على أحكامه، ومقاومة الحكام الذين يقومون على حفظ الأمن، ويقاومون الجرائم، ويكون المؤدى أن الله سبحانه وتعالى ليعتبر كل من يهدد أمن الجماعة، ويعتدى عليها بالقتل والسرقة والنهب، ويمنع السابلة محاربا لله تعالى ولرسوله، لأنه يشيع الجرائم، ويناصب أحكام الشرع ومن يقومون على تنفيذه وأنهم يقومون بكل الجرائم مجتمعين متفقين، فيكون لهم صولة تعطيهم وصف المحاربين، وكان التعبير بمحاربة الله ورسوله من نوع المجاز؛ لأن الذي يقوم بالسلب والنهب وقتل السابلة يؤدي عمله إلى نقض النظام والاطمئنان، فهو إن لم يقصد بفعله المحاربة هو يؤدي إليها، أو يقال إن ذات الفعل محاربة، فلا يكون مجازا، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: " من حارب مسلما على ماله فهو معاد لأولياء الله تعالى محارب لله ".
والعبارة الثالثة - (وَيَسْعَوْنَ فِى الأَرْضِ فَسَادًا). السعي: هو الحركة السريعة المستمرة، وقوله تعالى:(فَسَادًا). هو من قبيل التمييز، أي أن سعيهم لأجل الفساد لَا لأجل الخير، وفي ذلك الكلام إبهام بعده بيان، فيكون فيه تأكيد في البيان، فذكر السعي مبهما ثم بين بأنه من نوع الفساد، لَا من نوع الخير. وإن أولئك الذين يحاربون النظام، وعقوبتهم التي ذكرها الله سبحانه وتعالى بقوله تعالت كلماته:(أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يصَلَّبُوا). إلى آخر الآية الكريمة - هم الذين يعبر عنهم في الفقه بقطَّاع الطريق، ويسمى فعلهم قطع الطريق، ويسمى الحرابة، وَيُعَنْوَنُ له بذلك في الفقة الإسلامي، والعقوبة المذكورة في النص الكريم خاصة بهم.