للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد التبس - على بعض من لَا دراية له بأحكام العقوبات في الفقة الإسلامي - هؤلاء بالبغاة، والتبس على بعض آخر أمر هؤلاء بأمر الخوارج، والواقع أن الذين ينقضون النظام أقسام ثلاثة متمايزة متغايرة، فالبغاة: هم الخارجون ذوو القوة والمنعة الذين يخرجون على الإمام العادل بتأويل، أي بوجه مسوغ لهم الخروج، كأولئك البغاة الذين خرجوا على الإمام علي كرم الله وجهه، والذين وصفهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله لعمار بن ياسر رضي الله عنه: " تقتلك الفئة الباغية " (١) وهذه تقاتل حتى تسلم، كما قال تعالى (. . . فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٩).

وهؤلاء البغاة لَا يستبيحون من الأموال والدماء إلا معسكر السلطان، إذ هم لا يحاربون غيره، ويحسبون أنهم يحسنون صنعا.

والخوارج: هم الذين خرجوا على الإمام العادل بتأويل، ولكنهم لا يستبيحون معسكر السلطان فقط، بل يعتبرون مخالفيهم في الرأي كافرين، بل يعتبرونهم مشركين، وهؤلاء يعاملون معاملة البغاة، يقاتلون حتى يفيئوا فإذا كانت الفيئة فالإصلاح والقسط، ورد القضب إلى أجفانها.

وقطاع الطريق، أو أهل الحرابة: وهؤلاء مجرمون يخرجون لارتكاب جرائم السلب والنهب والقتل، وسائر الموبقات، بلا تأويل يتأولونه، ولا تفسير يفسرون، بل يرتكبون ما يرتكبون إثما وعدوانا مقصودا، ولا يقصدون إلا العدوان، كالعصابات الإجرامية التي نراها معتصمة في بعض الجبال أو الكهوف، وكالعصابات التي تزعج الآمنين بقوة إرهابية.

فهي إذن أقسام متمايزة متغايرة، وما لأحد من بعد أن يخلط، فيجعل حكم واحدة الأخرى، ولا وصف واحدة الأخرى.


(١) رواه مسلم: الفتن وأشراط الساعة - لَا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل (٢٩١٦) عن أم سلمة رضي الله عنها، وأحمد: مسند الأنصار - حديث أم سلمة زوج النبي (٢٦٠٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>