إن النص الكريم ينطبق كل الانطباق على الذين يخرجون بقوة، ويقطعون على السابلة الطريق وتكون لديهم القدرة على المنع، ولا يكون للمعتدَى عليه من يحميه من خطرهم ما داموا قد تعرضوا في طريقه، فهم حينئذ يعدون قطاع طريق، ويعد عملهم حرابة، ولكن اختلف الفقهاء من بعد ذلك في أمور أربعة من حيث انطباق النص القرآني. . . هذه الأمور الأربعة، هي: الأول - المكان الذين يعدون باتخاذه مقاما لهم قطاع طريق، والثاني - في طريقة إجرامهم، والثالث - في عددهم وقوتهم، والرابع - في الجرائم التي اتفقوا على ارتكابها، أو اعتزموا ارتكابها، أهي القتل والسلب فقط أم تشمل كل المعاصي كالزنى، وشرب الخمر، وتناول ما يشبهها وغير ذلك.
أولا - المكان الذي يتخذه قطاع الطريق، فإنه يجب أن يكون في داخل الدولة الإسلامية لأنهم من رعاياها، ولأن قطع الطريق على جماعة المسلمين من غير المسلمين هو الحرب الحقيقية، وليس هو الحرابة التي تتلاقى معها في الاشتقاق؛ وتختلف عنها في حقيقتها، فإن الحرب قد اختصت بمدافعة الأعداء من خارجها، أما هذه فقد اختصت بمحاربة الفساد في داخلها، والحرابة بهذا المعنى: الخروج على المارَّة لأخذ المال على سبيل المغالبة، ولو بالقتل على وجه يمنع المرور، ويقطع الطريق سواء أكان القطع بسلاح أم بغيره مثل العصا والحجر والخشب ونحوها، لأن قطع الطريق يكون بكل ذلك.
واختلف الفقهاء في المكان الذي يتحقق به هذا أيمكن أن يكون في داخل المدينة أو القرية أم لَا يتصور إلا في خارج الأمصار كالصحارى والجبال، والبراري من المزارع الشاسعة، لقد قال أبو حنيفة: إن قطع الطريق لَا يتصور في داخل المصر، إذ يمكن الإغاثة عند الاستغاثة، ويد السلطان مبسوطة في داخل الأمصار والقرى.
ومالك والظاهرية لَا يشترطون لقطع الطريق مكانا معينا، فحيث تتحقق إخافة المارة فهي حرابة لَا فرق بين أن يكون ذلك في الفيافي والقفار، أو في