للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القرى والأمصار، فحيث لَا يأمن السابلة الطريق، ولا يجدون من يسعفهم بدفع الشر عنهم فإن الحرابة تتحقق.

وهناك رأي ثالث، وهو أن الأمصار والقرى تصلح مكانا لقطاع الطريق ليلا، ولا يصلح نهارا إلا الصحارى والحق الذي نراه متفقا مع مرمى النص الكريم وغايته أنه حيث تحقق الوصف، وهو محاربة الله ورسوله بمحاربة الآمنين وحيث كانت القوة، وحيث كان سلطان الشر، فإن الحرابة تتحقق، وأننا نراها عيانا بيانا في مدن أمريكا وأوربا فالعصابات المخربة التي تحارب الأمن هنالك، وتغير على الآمنين تتخذ أوكارها في وسط الأمصار، وإن خفيت عن الأنظار.

وننتقل بعد ذلك إلى الأمر الثاني: وهو عددهم ونوعهم، وإنا نقول: إن الذي عليه كثرة الفقهاء أن العبرة في الأمر هو في قوة الإخافة لَا في مقدار عدد المنفذين، ولا في نوعهم أهم ذكور أم إناث، فلو أن واحدا استقر في كهف، ومعه سلاح مدمر، وكل من يمر من الضعفاء، أو من لَا حول لهم ولا سلاح استلب ماله أو نفسه فإنه يعد قاطع طريق، ولو أن جمعا فيهم ذكور وإناث تعاونوا على الإثم والعدوان وقطعوا الطريق على الآمنين وقاموا بالاستلاب غير مراعين حرمة مال، ولا عصمة دم، فإنهم قطاع طريق محاربون.

ثالثا - طريقة الإجرام أتكون بالمجاهرة والعصيان أم تكون ولو بالاختفاء، قال جمهور الفقهاء: إنه لَا بد من المجاهرة بالعصيان، والظهور علنا، حتى يتحقق معنى الحرابة، وحتى يتحقق معنى التسليم، وقال مالك: إنه تصح المحاربة بالاختفاء، كالاتفاق على القتل غيلة، والاستيلاء على الأموال بالهجوم على مكامنها خفية كالعصابات التي نسمع عنها، ويراها شبابنا على شاشة الخيالة (السينما)، والإذاعة المرئية (التليفزيون)، وقد حرر القرطبي في تفسيره رأي الإمام مالك، فقال: " والذي نختاره أن الحرابة عامة في المصر والقفر، وإن كان بعضها أفحش من بعض، ولكن اسم الحرابة يتناولها، ومعناها موجود فيها، ولو خرج بعصا في المصر يقتل بالسيف، ويؤخذ فيه بأشد ذلك، لَا بأيسره، فإنه سلب

<<  <  ج: ص:  >  >>