للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

آخر، فيكون الإتلاف مضاعفا، وليس هذا متفقا مع ما عرف عن النبي -صلى الله عليه وسلم - من حكمة، ولعل قوله - صلى الله عليه وسلم -: " مال الله سرق بعضه بعضا " (١) يشير إلى هذا المعنى إشارة واضحة.

ويجب التنبيه هنا إلى أنه إذا لم يقم الحد عند من لَا يقيمونه تجب عقوبة شديدة، وإن لم تكن قطع اليد، ولتكن الجلد أو الحبس، أو النفي من الأرض، أو ما يراه ولي الأمر عقابا رادعا، ونكالا مانعا.

ثاني الفرعين من المال الذي لَا يكون فيه قطع - كل مال يكون للسارق نوع شركة فيه أو يكون بين السارق والمسروق منه صلة تجعل لكل واحد منهما حقا في مال الآخر، وذلك يشمل ما يأتي:

(أ) سرقة أحد الاصول من الفروع، فإنه لَا قطع فيها، لأن للأب أو للأم أو الأصول نوع شركة في مال الفرع، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: " أنت ومالك لأبيك " (٢) وكما ورد عنه: " الولد كسب أبيه " (٣) وكل أصل أب أو أم.

(ب) إذا سرق أحد الزوجين من الآخر لَا قطع؛ لأن ثمة شركة أدبية بين الزوجين توجد ما يشبه الشركة المالية؛ ولأن مال أحد الزوجين غير محرز بالنسبة للآخر، وفي هذا الموضع خلاف كثير، ذلك القول في عمومه أرجحها وأقواها.

(جـ) لَا يقطع الفروع إذا سرقوا من مال أصولهم لمعنى الشركة الذي بيناه فهو من الجانبين، وقانون التساوي في المعاملة يوجب ألا يقطع الفرع إن سرق من الأصل، كما لَا يقطع الأصل إن سرق من الفرع.


(١) السابق.
(٢) عَن جَابِرِ بْنِ عَبْد اللَّهِ أن رَجُلا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِن لِي مَالا وَوَلَدًا وإِن أبِي يُرِيدُ أنْ يَجْتَاحَ مَالِي. فَقَالَ: " أنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ " رواه ابن ماجه: التجارات - ما للرجل من مال ولده (٢٢٩١).
(٣) عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: " إِن أطْيَبَ مَا أكَلَ الرجلُ مِنْ كَسْبه وَاِن وَلَدَ الرجلِ منْ كَسبِهِ ". رواه الترمذي: البيوع - الحث على الكسب (٤٤٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>