للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(د) سرقة الأرحام المحارم بعضهم من بعض فإنها عند الأكثرين من الفقهاء فيها شركة أوجبتها القرابة، وجعلت المحرمية مقياسا بهذه القرابة التي توجد الشركة المالية من بعض نواحيها.

وهكذا نجد الحد يضيق تطبيقه إذا كان للسارق نوع حق في المال المسروق، ولو كان ضعيفا، وأنه كلما اتسع نطاق الموانع لإقامة الحد ضاق تطبيقه، وإننا لو أردنا أن نقيم حد السرقة في حال أجمع الفقهاء على وجوب إقامته فيها لوجدنا العدد يضؤل ويضيق النطاق، حتى إننا نجد أنه في كل عشرة آلاف حالة سرقة لا تقطع يد واحدة، وإنها كافية للرح والزجر في ألوف الألوف، وقد ثبت أن ما دونها لَا يزجر مثلها، ولو في هذا النطاق الضيق، والله عزيز حكيم يضع العقاب في موضع الداء، فيحسمه القليل، ولا يحتاج فيه إلى الكثير، إنه خبير بما يعملون.

وإن الفقهاء الذين قرروا أن السرقة لَا بد أن تكون من حرز، وأن يخرج بها السارق من الحرز، وألا يكون قد دخل ذلك بإذن أهله بأن يكون منتهكا للحرمات، قد قرروا كما رأيت إعفاء السارقين من العقاب إذا كانت الأموال لهم شبه حق فيها، وذلك كأموال بيت المال عند الأكثرين وأموال الآباء والأبناء، وأموال الأقارب بعضهم مع بعض والزوجة مع زوجها.

كذلك قرروا أن بعض الأموال لَا يجري فيها قطع اليد، كالأموال التي تكون مباحة، ونالها بالاستيلاء مالكها، فقد قال الأكثرون: إنه لَا قطع فيها، وأجمعوا على أن مال المحوز إذا سرق لَا قطع فيه، وذلك لأن الشركة الطبيعية لا تزال قائمة ولو بطريق الشبهة ما دام المالك هو المستولي.

ولقد قال بعض الفقهاء: إنه لَا قطع في الأموال غير القابلة للادخار أي التي يتسارع إليها الفساد، كاللحم والفاكهة الرطبة واللبن والخضر غير القابلة للادخار؛ وهكذا، فقد قال أبو حنيفة ومالك والثوري: لَا قطع في هذه الأموال، والشافعي وأحمد ومن تبعهم أجازوا القطع في هذه الأمور.

<<  <  ج: ص:  >  >>