للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهكذا يجري الخلاف في بعض الشروط وفي بعض أنواع الأموال، وقد اتفقوا على أن سرقة ما يحرم تناوله أو استعماله لَا توجب قطع اليد، فسرقة الخمر أو الخنزيز، ولو كان يملكها غير مسلم لَا توجب القطع باتفاق علماء المسلمين، وسرقة أدوات اللهو والمجون وما لَا يتخذ في حلال خالص لَا توجب القطع.

وإنك إذا تلمست الصور التي اتفق الفقهاء على وجوب القطع فيها بالنسبة للشروط الواجبة للاستيفاء في الفعل، وفي الأموال تجد تلك الصور نادرة، لَا تقع في كل خمسمائة سرقة واحدة متفق على وجوب القطع فيها، ويزيد ندرة الصورة المتفق عليها اختلاف الفقهاء في نصاب السرقة.

وقد اتفق الفقهاء في الجملة على أن اليد لَا تقطع إلا إذا بلغ المسروق قدرا من المال، فقد اتفق الرواة على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قطع يد السارق فيما قيمته مجنّ، (وهو ما يتقي به المقاتل ضربات العدو) فقد روت السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قطع في ثمن مجَنٍّ وقد قدرته رضي الله عنها بربع دينار (١).

واختلف العلماء من بعدها في قيمته، والأكثرون على أن قيمته ربع دينار، فأقل مقدار تقطع فيه يد السارق ما قيمته ربع دينار، ولكن الحنفية قدروا النصاب بعشرة دراهم، كما روي عن ابن مسعود: أنه لَا قطع في أقل من دينار أو عشرة دراهم، ولأنه قد اختلف في تقدير المجن، فقيل قيمته أربعة دراهم، وقيل قيمته ربع دينار، وقيل قيمته دينار، والاحتياط يوجب الأخذ بالأكثر وتقدير أم المؤمنين عائشة اجتهاد منها يعارضه اجتهاد عبد الله بن مسعود، فيؤخذ به؛ لأنه أكثر احتياطا،


(١) عن عَائِشَةَ ان يَدَ الَارِقِ لَمْ تُقْطَعْ عَلَى عَهْدِ النبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلا فِي ثَمَنِ مِجَن حَجَفَة أوْ تُرْس. [متفق عليه؛ رواه البخاري: الحدود - والسارق والسارقة (٦٧٩٢)، ومسلم: الحدود - حد السرقة ونصابها (١٦٨٥).
وعَنْ عَائِشَةَ قَالَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - " تُقْطَعُ الْيَدُ فِي رُبُع دِينَارٍ فَصَاعِدا ". [متفق عليه، رواه البخاري: الحدود - السابق (٦٩٨٩)، ومسلم: السابق (١٦٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>