(لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) هؤلاء هم الذين فتنوا في دنياهم بوقوعهم مختارين في بلائهم، فأولئك المنافقون والذين هادوا لهم - بسبب ما وصفوا - خزي في الدنيا وعذاب عظيم في الآخرة، يبلغ من الإيلام والأذى ما لا يدرك كنهه ولا يعرف حقيقته إلا رب العالمين، وما أعطانا من علم في كتابه الحكيم، وعلى لسان رسوله الأمين.
وأما الخزي في الدنيا، فهو الذل الدائم المقيم مهما يكن من مظاهر القوة، ذلك أن النفاق وحده ضعف في النفس واضطراب في العقل، وكشف لحاله مهما يكن عنده من قدرة على الإخفاء والتستر، فإن ثوب النفاق شفاف دائما، وذلك فوق ما يتسم به من جبن وخور إن لم يكن معلوما لكل الناس فإنه يكون معلوما بينه وبين نفسه، وهم يحسبون أنهم يستهزئون بالناس، والناس يعلمونهم، والله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون.
واليهود لَا يعيشون إلا في كنف غيرهم من الناس أو على خداع الناس، وحسبهم ذلك خزيا وعارا.
وقانا الله تعالى شر هذا الخزي، ووقَى المسلمين من شر النفاق والمنافقين، وحمى الأمة الإسلامية منه، وهو العليم بذات الصدور.