للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فى الإنسانية المعتدى عليها، وقد خالفنا بذلك النظر جمهور الفقهاء بالنسبة للمساواة بين الأحرار والعبيد، ووافقنا جمهورهم في المساواة بين الذكر والأنثى، وقررنا أن الذين خالفوا في ذلك من الشذاذ، كالطائفة التي قالت ذلك من بني إسرائيل، بل جاء النص الكريم الذي نتصدى الآن للكلام في معناه يرد الحق إلى نصابه، ويبين أصل الحكم في التوراة التي نزلت على موسى.

وجمهور الفقهاء على أن من يجري القصاص فيه في النفس يجري القصاص في الأطراف بالنسبة له، فأطراف المرأة كأطرف الرجل على سواء بينهما فإذا فقأ عين امرأة تفقأ عينه، وإذا كسر ثنية امرأة تكسر ثنيته.

وقد خالف فقهاء الحنفية جمهور الفقهاء، فلم يقرروا المساواة بين أطراف الرجل وأطراف المرأة، وبنوا ذلك على قياس عندهم قرروا فيه، أنه يلاحظ في الأطراف المنافع، ولا شك عندهم في منافع الأطراف عند النساء دون منافع الأطراف عند الرجال.

وفى الحق أن رأي الحنفية بنوه على قياس في معان ارتأوها، فقالوا: إن العبرة في الأطراف بمنافعها، ومنافع أطراف المرأة دون منافع أطراف الرجل، وإن الرأي لَا يقف أمام عموم النصوص والنصوص العامة لَا تخصص بالقياس، على أن القياس في ذاته غير سليم، لأن من المنافع المؤكدة ألا يكون الجسم شائها، والتشويه أضر بالمرأة من الرجل.

وقبل أن نترك الكلام في القصاص في النفس والأطراف لَا بد أن نشير إلى أمور ثلاثة:

أولها - أن جمهور الفقهاء قرروا أن الجماعة تقتل بالواحد، وقد يقول قائل: إن ذلك لَا يتفق مع معنى القصاص الذي أساسه التساوي، فلا تساوي بين الواحد والجماعة، وبذلك قال بعض الفقهاء، والحق ما عليه الجمهور؛ لأن كل واحد من الجماعة قد اشترك في القتل، فيسمى قاتلا، وقد أزهق نفسا فتؤخذ بها نفسه،

<<  <  ج: ص:  >  >>