للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وما روي من أن أبا بكر وعمر قالا: من قتل عبده جلد مائة، وحرم من سهم المسلمين. هذا ما استدل به جمهور الفقهاء، ونرى أنه لَا يقف أمام عموم النص، وأمام النص الخاص الذي رويناه، وفوق ذلك هو وارد في قتل المالك المملوك، وقد عارضه النص الصريح.

ولهذا نرى الأخذ بالمبدأ الإسلامي العام الذي يقرر حقوق العبيد على مواليهم ويحدد حقوق الموالي، وليس منها إباحة دمائهم.

(وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ) هذا النص فيه القصاص بين الأطراف، فالعين تفقأ بالعين، أي أنها في مقابل العين أيضا، فـ " الباء " هنا باء المقابلة التي تدل على أن شيئا في مقابل شيء، وهي تدخل على المتروك، فالنفس المجني عليها تؤخذ بها النفس الجانية، والعين المجني عليها تؤخذ بها عين الجاني، وكذلك أنف الجاني تؤخذ بالجدع في نظير أنف المجني عليه، وكذلك أذن الجاني تصلم (١) في نظير أذن المجني عليه، وكذلك سنه بسنه، ومثل هذه في الحكم اليد باليد والرجل بالرجل، والإصبع بالإصبع، وهكذا كل طرف من الأطراف يمكن أن يجري فيه القصاص، فالقصاص ليس مقصورا على ما اشتمل عليه النص من العين والأنف والأذن والسن، بل يشمل هذا وغيره مما يمكن أن يتحقق فيه معنى القصاص، وقد أيدت ذلك النصوص القرآنية، فالله تعالى يقول: (. . . فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْه بمثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ. . .).

ويقول سبحانه: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقبُوا بمنلِ مَا عُوقبْتُم به وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ).

وهنا يجري القول في تساوى الأعضاء يالنسبة للأشخاص، فأشخاص النساء كالرجال، والأحرار كالعبيد على النحو الذي بينا من حيث قاعدة المساواة المطلقة


(١) أي تقطع أذنه، والصَّلْم الاستئصال، والأصلم: مقطوع الأذن، وهي صلماء، والجمع: صُلُم.
[الوسيط - صلم].

<<  <  ج: ص:  >  >>