للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الظلم، والفساد الذي يعم وأولئك كثيرون، ولذلك قال سبحانه (وَإِنَّ " كَثِيرًا مِّنَ النًاسِ لَفَاسِقُونَ).

هذا النص فيه عزاء للنبي - صلى الله عليه وسلم - من تمرد الناس على حكم العدل وحكم الحق، وعزاء لكل داع للخير من بعده، لكيلا ييئس داع؛ لأنه يحسب أن الخير يسير بمنطق مستقيم في النفوس، كما هو في ذات نفسه، فالله سبحانه وتعالى ينبه دعاة الخير إلى أنهم لَا يتوقعون الاستجابة من الأكثرين، كما قال تعالى لنبيه: (وَمَا أَكثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ). وقال سبحانه: (وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ. . .). ولأن دعوة الخير لا تجد الاستجابة بيسر، وكانت جهادا، وكانت تعبا، وعلى الداعي ألا تذهب نفسه حسرات إذا لم يجد الأكثرين يجيبونه، وليعلم أن دعوة الحق لها صدى يسمع في الأجيال وإن كانت لَا تسمع في زمان صاحبها.

والفسق معناه في الأصل خروج اللب عن قشرته التي تحميه من الفساد، وأطلق على الخروج عن الحق والتمرد عليه؛ لأن الحق هو الذي يحمي النفوس، ويكلؤها من عفن الرذيلة وفسادها، ومؤدى الكلام أن الذين ينغضون رءوسهم عن سماع الحق ودعوته، وعن الخضوع لحكمه ليسوا عددا قليلا ولكنهم كثير، وقد أكد سبحانه وتعالى كثرتهم بـ " إنَّ "، وبـ " اللام " في خبرها، والله سبحانه هو الهادي إلى سواء السبيل، وقد استنكر سبحانه فعل الفاسقين، ولو كانوا كثرة كاثرة، فقال تعالت كلماته:

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>