للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الآثار في صفة الرسول - صلى الله عليه وسلم - إنه " الضحوك القتال " (١) فهو ضحوك لأوليائه قتال لأعدائه.

الصفة الرابعة بينها سبحانه وتعالى بقوله: (يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ).

المجاهدة المغالبة وبذل الجهد، وهو أقصى الطاقة، في سبيل الله أي: في سبيل رفعة كلمة الحق ونصر دينه وإعلاء شأنه، وكل مجاهدة في إعلاء حق وخفض باطل هي في سبيل الله؛ لأن طريق الله تعالى هي طريق الحق أيا كان موضعه، وأيا كان باعثه؛ لأن شرع الله تعالى يدعو إلى الحق، وإلى صراط مستقيم.

وإن الجهاد تتنوع ضروبه، وتختلف أساليبه، فقد يكون بالسيف لإعلاء كلمة الله، ورد الأعداء عن أهل الإيمان، وقد يكون ببذل المال لنصر الدين والحق، وإعلاء كلمة أهل الإيمان، وقد يكون باللسان ببيان الحقائق الإسلامية، وتأليب الناس على المشركين، ولقد قال - عليه السلام - " جاهدوا المشركين بأنفسكم وألسنتكم وأموالكم " (٢).

وإن الجهاد في الحق يوجب على المجاهد ألا يخشى غير الله، ولذلك وصف الله سبحانه أولئك المجاهدين بأنهم: (وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ). أي لا يخافون لومًا قط من أي لائم كائنا من كان، واللومة هي المرة من اللوم، وكان التعبير باللومة دون اللوم للمبالغة في نفي الخوف لأنها منكَّرة، ومن تصدر عنه منكَّر، أي لَا يخافون أي لومة سواء أكانت شديدة أو كانت رقيقة، ومن أي لائم سواء أكان كبيرا أم كان صغيرا، وسواء أكان ينفع ويضر أم كان لَا خير فيه، هذا ما ذكره المفسرون، ونلتمس وجها آخر للتعبير، باللومة، وهو أن التعبير بفعل المرة يفيد وقوع اللوم، لَا مجرد توقعه، أي أن هؤلاء لَا يخافون اللوم الواقع، بل


(١) ذكره ابن كثير في التفسير: ج ٣، ص ١٢٣، وقال في ج ٤، ص ٢٠٨.
(٢) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>