للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يتحملونه مع ما فيه من ابتلاء واختبار قد يكون شديدا، وقد حبب الله تعالى لعباده الجهاد في سبيل رفع الحق، فقد جاء على لسان نبيه عليه الصلاة والسلام: " أفضل الجهاد كلمة حق أمام سلطان جائر " (١) وقال عليه السلام: " ألا لَا يمنعن أحدكم رهبة الناس أن يقول بحق إذا رآه أو شهده، فإنه لَا يقرب من أجل ولا يباعد من رزق أن يقول بحق " (٢). وقال عليه السلام: " لا يحقرن أحدكم نفسه، بأن يرى أمرا لله فيه مقال فلا يقول فيه " (٣).

(ذَلِكَ فَضْل اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) الإشارة في هذا النص السامي، إما أن تكون لكل ما سبق من إيمان صادق، ومحبة من الله ورضوان منه، ومحبة من العبد ومعها الطاعة المطلقة لله ولرسوله، وتعاطف وتراحم بينهم، وشدة على أعدائهم وجهاد سبيله، وإما أن تكون لأقرب مذكور، وهو الجهاد في سبيل الله، واطراح لوم اللائمين وعدم الالتفات إليهم، وإنه على الاحتمالين ذلك من فضل الله تعالى، الذي يصطفي من عباده من يكون أهلا لذلك، ويعمل بإرادته ليصل إلى هذه، وكانت هذه الصفات من فضل الله تعالى؛ لأن الإخلاص لله تعالى، والفناء في محبته نعمة لَا يدركها إلا من يذوق حلاوتها، والتآلف بين المؤمنين والتعاطف والبر فضل كبير تعتز به الأمم، والوقوف أمام الأعداء، والجهاد في سبيله، والرضا به، والعمل فيه فوز عظيم لأنه حماية للحوزة، ومنع للذلة.

وقد ذيل سبحانه وتعالى النص بقوله تعالت كلماته: (وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).


(١) رواه النسائي: البيعة - فضل من تكلك بالحق عند إمام جائر (٤٢٠٩)، وأحمد: أول مسند الشاميين - حديث طارق بن شهاب (١٨٣٤٩).
(٢) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَلَا لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ رَهْبَةُ النَّاسِ، أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إِذَا رَآهُ أَوْ شَهِدَهُ، فَإِنَّهُ لَا يُقَرِّبُ مِنْ أَجَلٍ، وَلَا يُبَاعِدُ مِنْ رِزْقٍ، أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ أَوْ يُذَكِّرَ بِعَظِيمٍ ". رواه أحمد: باقي مسند المكثرين - مسند وأبي سعيد الخدري (١١٠٨٢).
(٣) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يَحْقِرَنَّ أَحَدُكُمْ نَفْسَهُ أَنْ يَرَى أَمْرًا لِلَّهِ عَلَيْهِ فِيهِ مَقَالًا، ثُمَّ لَا يَقُولُهُ، فَيَقُولُ اللهُ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَقُولَ فِيهِ، فَيَقُولُ: رَبِّي خَشِيتُ النَّاسَ، فَيَقُولُ: وَأَنَا أَحَقُّ أَنْ تَخْشَى ". رواه أحمد: باقي مسند المكثرين - مسند أبي سعيد الخدَري (١٠٨٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>