يعيبون عليه إلا أنه والمؤمنين معه آمنوا بالله ورسوله حق الإيمان، وأن أكثرهم فاسقون، وهنا بعض مباحث لفظية نذكرها لتقريب معنى النص السامي الكريم.
المبحث الأول - كيف يعيبون الإيمان مع أنهم كافرون، وإنما يحسد على الإيمان من يدركه، ويعرف مزاياه ويحقد على المؤمن؛ لأنه حرم منه، والجواب عن ذلك أن أهل الكتاب يعرفون الرسالة والرسل، ومنهم موحدون يدركون معاني التوحيد، وهم يحسدون المؤمنين على ذلك، وخصوصا اليهود والمنافقين، وقد قال تعالى فيهم:(وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونونَ سَوَاءً فَلا تَتَّخِذوا منْهُمْ أَوْليَاءَ. . .). وقال تعالى:(وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٠٩).
فهؤلاء الكافرون من أهل الكتاب يستنكرون على المؤمنين إيمانهم، والباعث على ذلك أمران: أحدهما - حسد مستكن في قلوبهم، وهم يرون أن النبوة نعمة كانوا يرجونها فيهم، فكانت في غيرهم، وأن الإيمان نعمة وخير، وهم يحسدون الناس دائما على ما آتاهم من فضله، وقد قتلهم الحسد، وأفسد مداركهم.
الأمر الثاني الذي بعثهم على النقمة على أهل الإيمان أنهم يرونهم في قوة نامية، وهم في خسة هاوية، وهم كفار منزعجون، وأولئك مؤمنون مطمئنون.
المبحث الثاني - إن في النص الكريم حصرا لسبب النقمة على المسلمين، ولذلك كان الاستنثاء في قوله تعالت كلماته:(هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ).
المبحث الثالث - أن إيمان المؤمنين شامل للرسالات الإلهية كلها، فهم يؤمنون بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - وما أنزل من قبله، واليهود كانوا يأخذون على المؤمنين أنهم يؤمنون بكل الأنبياء، ومنهم من قتلوهم، ومنهم من حاولوا قتله، ولم يستطيعوا أن ينالوا منه، وقد روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن