للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإنه قد يستفاد من الحديث أن المثلية في النفوس لَا في الأجساد، وهذا هو الذي نميل إليه، واللفظ يحتمله ولذا نختاره.

والأمر الثالث الذي منى الله تعالى به اليهود أنهم عبدوا الطاغوت، والطاغوت فعلوت من الطغيان وهم يعبدون الطغيان دائما، فهم يعبدون الحاكم الطاغي، ويكونون أدواته، وهم يعبدون المال الطاغي المأخوذ من غير حله، وهم يعبدون الهوى ويتخذون هواهم إلها يعبدونه.

وقد سجل الله سبحانه وتعالى الحكم مؤكدا فقال سبحانه:

(أُوْلئِكَ شَرٌّ مكَانًا وأَضَلُّ عَن سَوَاءِ السَّبِيلِ) أي أولئك المتصفون بالفسق الذي أنزل الله تعالى عليهم سخطه، وقرر طردهم من رحمته، ومسخ قلوبهم حتى صارت قلوبهم كقلوب القردة والخنازير، وعبدوا الطغيان، ولم يؤمنوا بالحق، هؤلاء شر مكانا، أي مكانهم في الدنيا شر مكان إذ يأكلون من المحرمات، كما تأكل الخنازير من القاذورات، وهم في ذلة، ولو أوتوا قوة وسلطانا بسبب اتصالهم بأشرار الأرض، فهم في ذلك بالتبعية، وهم أبعد عن الطريق السوي المستقيم، فهم في ضلال مستمر، وإن سكنوا واطمأنوا أياما فسيذيقهم الله تعالى وبال أمرهم، ويحق الله الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون.

* * *

(وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ (٦١) وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٦٢) لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (٦٣)

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>