للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وذكر النص القرآني، أمرا ثالثا، وهو العمل الصالح الذي يلقى الله تعالى وهو قائم به، مستمرا عليه، وهذا وإن لم يكن ركنا من أركان الإيمان، ولكنه شرط لما جاء بعد ذلك من عدم الخوف والحزن، فإن المرتكب لَا يمكن أن يكون في أمن من غضب الله، بل يكون حزينا على ما ارتكب، وإن قوى الإيمان إن عمل يكون عنده برد اليقين، والمؤمن الصادق يغلب الخوف على الرجاء، ولو كان طاهرا مطهرا، فكيف لو كان مرتكبا.

وقد يقول قائل: لماذا لم يذكر الإيمان برسالة النبي - صلى الله عليه وسلم -مع أنه ركن من أركان الإيمان، فشهادة أن لَا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله تعالى هي لب الإيمان!.

والجواب عن ذلك: أن الإيمان بالرسالة المحمدية التي قامت عليها الأدلة من المعجزات الباهرة ثمرة الإيمان بالله ولازمة له، فلا يمكن أن يكون مؤمنا بالله من يكذب رسوله الذي قامت الشواهد والأمارات على صدق رسالته، والإيمان بالله يقتضي الإيمان بصدق كل ما جاء في كتابه المنزل الذي لَا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهكذا فإن الإيمان بالله تعالى يقتضي الإيمان بالرسالة والرسل والإيمان بما جاءت به الكتب المنزلة.

وجزاء هذا الإيمان الصادق والعمل الصالح ألا يكون المؤمن في خوف من قابل حياته في الآخرة، فلا يخاف عذاب يوم القيامة؛ لأن الإيمان هو الحصن الذي يلوذ به الخائفون، ولا يحزن على ما كان منه في كفره، وإنه في الجنة لا همَّ، ولا حزن ولا عذاب.

وقد تكلم العلماء في أمرين لَا بد أن نتكلم فيهما:

أولهما - أن الله تعالى ابتدأ طوائف الذين يغفر لهم أن آمنوا بالمؤمنين فقال سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا)، وجاء الخبر من بعد: (مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ)، فكيف ينطبق هذا الخبر على الذين آمنوا، وهم قد سبق إيمانهم، فلا يحتاج إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>