للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(بعث الملك قسطنطين إلى جميع البلدان فجمع البطارقة والأساقفة، فاجتمع في مدينة نيقية ثمانية وأربعون وألفان من الأساقفة مختلفين في الآراء والأديان، فمنهم من كان يقول إن المسيح وأمه إلهان من دون الله وهم البربرانية، ومنهم من كان يقول إن المسيح من الآب بمنزلة شعلة نار انفصلت من شعلة نار، فلم تنقص الأولى بانفصال الثانية عنها، وهي مقالة سابليوس وشيعته، ومنهم من كان يقول لم تحمل به مريم تسعة أشهر وإنما مر في بطنها، كما يمر الماء في الميزاب؛ لأن الكلمة دخلت في أذنها، وخرجت من حيث يخرج الولد من ساعتها، وهي مقالة إليان وأشياعه. ومنهم من كان يقول: إن المسيح إنسان خلق من اللاهوت كواحد منا في جوهره، وإن ابتداء الابن من مريم، وإنه اصطفى ليكون مخلصا للجوهر الإنسي صحبته النعمة الإلهية، وحلت فيه بالمجد والمشيئة، ولذلك سمي ابن الله، ويقولون إن الله جوهر قديم وأقنوم واحد، ويسمونه بثلاثة أسماء، ولا يؤمنون بالكلمة ولا بروح القدس، وهي مقالة بولس الشمشاطي بطريرك أنطاكية وأشياعه، ومنهم من كان يقول إنهم ثلاثة آلهة لم تزل صالح وطالح وعدل بينهما، وهي مقالة مرقيون اللعين وأصحابه، وقد زعموا أن مرقيون هو رئيس الحواريين، وأنكروا بطرس. ومنهم من كان يقول بألوهية المسيح، وهي مقالة بولس الرسول، ومقالة الثلاثمائة وثمانية عشر أسقفا).

هذه هي الأهواء والآراء التي كانت تذكر في الجماعات المسيحية وظهرت عندما زال الاضطهاد، وحل محله الأمن، ولم يذكر ما كان يقرره أريوس الذي انعقد المجمع لإنهاء دعوته، والحق أن دعوة أريوس كانت هي البقاء على الوحدانية، فقد قرر كتاب تاريخ الأمة القبطية أن دعوة أريوس كانت منتشرة وكانت عامة وكان السائد عند الكثيرين إنكار ألوهية المسيح، فقد كانت كنيسة أسيوط على هذا الرأي، وكان للرأي الأصيل رأى أريوس مشايعون في فلسطين ومقدونية والقسطنطينية.

ولكن أُريدَ تحويل المسيحية من التوحيد إلى الوثنية قبل أن يدخل فيها قسطنطين فانتقل للرأي الذي يتفق معها وهو ألوهية المسيح، فاعلن موافقته على

<<  <  ج: ص:  >  >>