للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رأى ٣١٨ (ثمانية عشر وثلاثمائة) من جمع عددهم ثمانية وأربعون وألفان، واضطهد من عداهم، وقامت منازعات بين الوحدانية والوثنية، حتى اختفت أصوات الوحدانية في الأوساط النصرانية.

(وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ) في هذا النص الكريم بيان لحقيقة الدعوة التي دعا إليها عيسى - عليه السلام - ونفي نفيا مطلقا ادعاءاتهم الألوهية له فقد كانت دعوته التي كان موطنها بني إسرائيل، وانبثق نورها، من أوساطهم إلى غيرهم من الناس، هي إلى التوحيد في العبادة إذ لَا ألوهية سواه، وزكى التوحيد بقوله: (رَبِّي وَرَبَّكمْ). فإن هذا النص يمنع الألوهية من نواح ثلاث: الناحية الأولى - إثبات أن الله هو ربه الذي خلقه ونماه، وأنشأه كما أنشأ غيره، والناحية الثانية - التسوية بينه وبين غيره من الخلق في التكوين والإنشاء والتربية، فهو في هذا لَا يفترق عن أحد من البشر، والناحية الثالثة أنه لَا يمكن أن يكون فيه عنصر الألوهية؛ لأن الله تعالى رباه ونماه، كما كان بالنسبة لغيره، وليس مما يسوغ للإله أن يأكل ويشرب وينمو كسائر البشر. فذاته العلية منزهة عن الأحداث، ولا يليق بها الاحتياج.

وفى النص الكريم إشارة إلى جريمة من جرائم بني إسرائيل، وهي أنهم كذبوا المسيح عليه السلام - وناوءوه كما ناوءوا محمدا، إذ كفروا بالمسيح مع أنه رسول إليهم، وهموا بقتله، وادعى النصارى أنهم قتلوه، وإن هذه الدعوه التي نادى بها المسيح بين ظهرانيهم وفي قوم لم تجد أرضا خصبه في أوساطهم، وحرضوا على المسيح عليه السلام واستمر الاضطهاد للنصارى، حتى غيرت وبدلت لهم في ذلك يد فعالة، وعليهم من وزرها قسط كبير.

وقد حذر المسيح من الشرك، فقال ناهيا محذرا: (إِنَّهُ مَن يشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ).

ظاهر السياق أنه من كلام السيد المسيح - عليه السلام - لبني إسرائيل الذين كانوا أول من وجه إليهم دعوته، ويصح أن يكون ذلك الكلام مستقلا عن كلام السيد

<<  <  ج: ص:  >  >>