للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابن الله في زعمهم في مؤتمر نيقية الذي ذكرناه والذي انعقد في سنة ٣٢٥، وبعد ذلك بنحو ست وخمسين في مجمع القسطنطينية تقررت ألوهية روح القدس، وفرض ذلك الرأي بقوة السلطان كما فرض الرأي الأول الخاص بألوهية المسيح بقوة السلطان، وكان المسيحيون يجتمعون لرده.

ويلاحظ في مجمع القسطنطينية أمران أحدهما - أن الذين حضروا ذلك المجمع ١٥٠ من رجال دينهم، وما كان هذا ليمثل النصارى أجمعين، ولكن فرض رأى أولئك الذين سموهم أساقفة على النصارى جميعا، وأسكت كل صوت يخالفه، ولقد كان ذلك المجمع كسابقه مفاجأة لعامة النصارى؛ لأنه ليس بإله عندهم وقد أعلن ذلك مقدونيوس وكانت مقالته ليست هي الشائعة بين النصارى، حتى جاء ذلك المجمع القسطنطيني فأتم التثليث.

ثانيهما - أن الذي دعا إلى عقده بطريق الإسكندرية، كما أنه هو الذي كان رئيس مجمع نيقية وإن لم تكن له الرياسة في المجمع الأخير، وأن الذي دعا إلى تقرير ألوهية روح القدس هو هذا البطريق، وقال كما نقل كتاب تاريخ البطارقة لابن البطريق:

(ليس روح القدس عندنا بمعنى غير روح الله، وليس روح الله شيئا غير حياته، فإذا قلنا إن روح الله مخلوق، فقد قلنا إن حياته مخلوقة، وإذا قلنا إن حياته مخلوقة، فقد زعمنا أنه غير حي، وإذا زعمنا أنه غير حي فقد كفرنا به).

وأن هذه السلسلة التي ساقها تنقض لبناتها إذا قلنا روح القدس ليست روح الله، ولكنها جبريل الأمين الذي خلقه، وبذلك تنقطع حلقات السلسلة، حلقة حلقة.

وروح القدس في زعمهم هي الروح العامة التي تنشر الحياة بين الأحياء، ومما يسترعي النظر، أن الذي قاد فكرة ألوهية المسيح وروح القدس هو بطريق الإسكندرية التي كانت تسودها في ذلك الإبان الأفلاطونية الحديثة التي كانت خلاصتها، أن الإله الأكبر هو العقل الأول، وقد نشأ عنه العقل الثاني، نشوء

<<  <  ج: ص:  >  >>