المعلول عن علته، أي أن وجودها متصل، وعرفوا روح القدس بالتعريف النصراني الذي ذكرناه، وبذلك تلتقي نصرانية النصارى مع فلسفة الإسكندرانية الواهمة وقائد الدعوة لألوهية المسيح وألوهية روح القدس هو هو بطريق الإسكندرية، فليعرف النصارى زمان ابتعادهم عن اتباع المسيح - عليه السلام - وسببه والمصدر الذي انحرفوا إليه ومن أوردهم مورده غير العذب.
هناك إذن غند النصارى تثليث، وأن الله تعالى ثالث ثلاثة، وأن الله تعالى قد حكم بأنهم كافرون، فقد قال سبحانه مؤكدا القول:(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثة). فمن الخطأ الفاحش ما يقال إن الله تعالى عبر عن النصارى واليهود بأنهم أهل كتاب، فليسوا كفارا. . فقد أكد سبحانه وتعالى كفرهم أولا بتكفيرهم لأنهم زعموا أن المسيح هو الله، ويقررون أن الله ثالث ثلاثة، وأكد كفرهم في الحالتين باللام وبقد، فكيف يسوغ المؤمن أن يقول إنهم غير كافرين.
والنصان الكريمان واردان على موضوع واحد، وهو النصارى، فالنص الأول وهو:(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ) موضوعه هو ذات موضوع النص الآخر: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَة) وكل آية من الآيتين تبين ناحية من نواحي اعتقادهم، واكتفى في الآية الأولى بزعمهم في المسيح عليه السلام، لبيان مقدار افترائهم عليه ومناقضهم لمن ينتسبون إليه، وأنهم لَا يصح أن يسموا مسيحيين، لأنه بريء منهم، وذكرت الثانية لبيان حقيقة اعتقادهم.
(وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ).
بعد أن بين سبحانه وتعالى كفر من يقول بالتثليث بيّن سبحانه وتعالى العقيدة الصحيحة، فقال سبحانه ذلك النص الحكيم، ومؤاده نفي الألوهية نفيا مطلقا عن غير إله واحد، والصيغة تفيد استحالة أن يكون الإله، غير واحد، لأنه لا ينتظم الكون والسماء والأرض، ومن فيهما كما جاء في قوله تعالى:(لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ).