للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي قال أمثلهم فكرًا ونظرًا، ويزكي هذا أن إطعام عشرة مساكين يقابل بالكسوة وعتق الرقبة، ولا يتصور المقاربة إلا إذا كان أمثل الطعام لديهم، ومؤدى ذلك التصوير أن يكون أولئك الفقراء في ضيافة من حنث في يمينه، يستضيفهم؛ لأن رب البيت يقدم لضيفة أمثل ما يستطيعه من طعام.

وقال آخرون: إن الأوسط هو المتوسط الذي يعد المتوسط في طعامه، فليس هو أقل ما يأكله أهله ولا أكثر بل يكون بين ذلك قواما، وقد اختار هذا الرأي ابن جرير، والأكثرون من الفقهاء.

وإن الإطعام يكون بالتمكين من ذلك، وهو الأصل، وخصوصا عند من يفسر الأمثل بالأوسط، وفي هذه الحال يقدم لهم وجبتين من الطعام ليستطيعوا الاعتماد عليها طول اليوم، وإذا لم يكن الإطعام متيسرا، ملكهم من أنواع القوت ما يقابل ذلك، والأكثرون على أنه يقدم نصف صاع من بر، واختلافهم في مقدار الصاع، لَا في أصل التقدير.

والأكثرون من الفقهاء على أنه لَا بد من إطعام عشرة، وقال الحنفية: إذا أطعم واحدا عشر مرات يغني عن إطعام العشر؛ لأن القصد إمداد الفقراء بحاجات تغنيهم، وليست العبرة بمغايرة الاشخاص ولا بالعدد في ذاته، والكسوة يلاحظ فيها أن تكون سابغة في الجملة، ولقد قال مالك وأحمد: لَا بد أن يدفع إلى كل واحد منهم من الكسوة ما يصح أن يصلي فيه رجلا كان أو امرأة كل بحسبه.

وعندي أنه يترك تقدير الكسوة إلى ما يليق بالمعطى مع ملاحظة أن يكون سابغا.

والرقبة أيشترط فيها أن تكون مؤمنة؛ لقد ورد عتق الرقبة موصوفا بأن تكون مؤمنة في كفارة القتل خطأ، فالأكثرون من الفقهاء جعلوه وصفا في كل تكليف بعتق الرقبة؛ لأنه قد اتحد الموضوع، واتحاد الموضوع يكفي في حمل المطلق على المقيد، ولأن المعنى فيه تحرير رقاب المؤمنين، ولأن الصدقات تكون للمؤمنين، وقال الحنفية: لَا يحمل المطلق على المقيد إلا إذا اتحد الموضوع والسبب، وعتق

<<  <  ج: ص:  >  >>