للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرقاب في ذاته قربة إلى الله تعالى، والرأي عندي أنه لَا يعتق غير مؤمنة إذا كان يملك مؤمنة.

(فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثةِ أَيَّام) الفاء هنا تفصح عن شرط مقدر، والمعنى إذا لم يكن عنده ويريد أن يحنث ولم يجد فصيامه ثلاثة أيام، وثلاثة الأيام يصومها تطهيرا لنفسه، ولتقوى إرادته، وتشتد عزيمته، فالصوم طهرة للنفس، ويزكي العزيمة الصادقة والتجرد الروحي، ولكن أيشترط أن تكون الأيام الثلاثة متتابعة؟ قال كثيرون: لَا يشترط أن تكون متتابعة؛ لأن النص لم يشترط ذلك، ولأن التيسير يتحقق بعدم شرط التتابع، والنبي عليه السلام، يقول " يسروا ولا تعسروا " (١)، وقال أبو حنيفة رضي الله عنه: إن التتابع شرط؛ وذلك لأنه لا يمكن تحقق أنها ثلاثة أيام إلا متتابعة، ولا يتصور أن يكون قد كفر عن يمينه إذا كان يصوم في كل عام يوما، ولأن ذلك رأى كثير من الصحابة منهم عبد الله بن مسعود. ونحن نختار ذلك الرأي، وقبل أن ننتهي من الكفارة لَا بد من أن نتعرض الأمرين:

أولهما - أيسبق الحنث الكفارة ولا كفارة إلا بعد الحنث أم تجوز الكفارة قبل الحنث؟ قال الأكثرون بالأول لأن السبب هو الحنث، وما دام لم يتحقق فإنه لا كفارة، وقال آخرون: يجوز أن تتقدم الكفارة عند نية الحنث، وتقوم النية مقام الحنث بالفعل.

ثانيهما - إذا حلف على شيء فرأى خيرا منها يجب عليه أن يحنث قال الظاهرية ذلك لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - " من حلف على يمين فرأى خيرا منه فليحنث وليكفر " (٢) وقال غيرهم: لَا يجب، ونحن نرى أن يوازن بين مقدار الضرر الذي سيترتب على الاستمرار، والخير الذي يجلبه الحنث، فإن رجح الثاني وجب الحنث.


(١) متفق عليه؛ رواه البخاري: العلم - ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتخولهم (٦٩)، ومسلم بلفظ: " وسكنوا ولا تنفروا ": الجهاد والسير - الأمر بالتيسير وترك التنفير (١٧٣٤).
(٢) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>