للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذه هي الخمر الواردة في القرآن وكلام الناس فيها، والميسر هو القمار، وهو يشمل كل كسب بطريق الحظ المبني على المصادفة من كل الوجوه، وهو يكون للعب على المال: فالنرد على مال للكسب قمار، والشطرنج على المال قمار، وهكذا، وتحريم الميسر لذات الفعل، فالفعل في ذاته حرام، والكسب عن طريقه حرام؛ لأنه سحت، وأكل لمال الناس بالباطل.

والأنصاب تطلق عند عرب الجاهلية بإطلاقين: أحدهما - نصب من الحجارة كانت تعبد، أو تقدس.

والإطلاق الثاني: حجارة مقدسة كانت تخصص للذبح تقربا للأصنام.

والأزلام جمع زلم، وهي السهام التي كانوا يتقاسمون بها الجزور أو البقرة إذا ذبحت، فسهم عليه واحد، وسهم اثنان وهكذا إلى عشرة، وقد حرم القرآن القسمة بذلك لأنها من الميسر.

وقد جمعت هذه الأمور كلها مع تحريم الخمر؛ لأنها متجهة جميعها إلى الخبائث، فالخمر ومعها الميسر كانا مقترنين في التحريم؛ لأنهما عادة كانا مقترنين في الواقع، فيندر أن يلعب الميسر من لَا يشرب الخمر، وشارب الخمر المدمن عليها يمتد به الإثم، حتى يتناول الميسر أيضا.

والأزلام كانت تتخذ لقسمة الذبائح بالميسر، فيسحب الشخص الزلم، ويكون له من اللحم بمقدار ما يعلمه السهم، فإن كان واحدا أخذه، وإن أكثر أخذه بمقدار ما يعلمه.

والنصب جمعت مع هذه، لأنها أصنام وهي الأصل فساد في العقيدة، أو لأنها مقدسة لَا تؤكل الذبيحة إلا إذا ذبحت عليها، فكان جمعها مع الخمر والميسر لصلتها بالميسر، ولأنها نوع من تحريم ما أحل الله تعالى لغير سبب معقول لَا من الشرع ولا من العقل، فهي ذات صلة وثيقة بالآية التي قبلها.

وكان جمع هذه الأشياء مع ما سبق لأن لها مصدرا من الطبع واحدا، وحكما من الشرع واحدا، وهو أنها رجس، ومن عمل الشيطان، والرجس كل ما استقذر،

<<  <  ج: ص:  >  >>