(لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ) الشراء يطلق بمعنى البيع، والمعنى لَا نبيع يمين الله تعالى الذي أقسمنا به، ولا عهدنا الذي عاهدناه بهذه اليمين بأي ثمن كائنا ما كان وبأى قدر كان، فالضمير يعود على القسم بالله المفهوم من قوله تعالى:(فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ). وقال تعالى:(وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى) أي ولو كان الذي يستفيد من شهادتنا ذا قرابة قريبة، فكلمة قربى لَا تطلق إلا على القرابة القريبة التي تحمل غير الأتقياء على الكذب في الشهادة، ومن موضوع القسم، والتغليظ فيه عدم كتمان الشهادة، وكتمانها هنا يشمل ثلاث صور من الكتمان: أولاها - أن يخفى بعض الحق، وثانيها - أن يخفى بعض الموصى به فلا يذكره كله، والصورة الثالثة - لمن لَا ينقل كلاما للموصي يحرر إرادته. ومن مؤكدات القسم أن يقولوا مع قولهم في القسم " لا نكتم ": (إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الآثِمِينَ).
وذلك بأن يقروا على أنفسهم بالإثم إن حادوا أو كذبوا في يمين الله، أو قالوا غير الحق الذي كانوا أوصياء عليه، وقد أكدوا الإثم على أنفسهم في إيمانهم بمؤكدات أربعة: أولها - التعبير بالجملة الاسمية، ثانيها - التوكيد بـ " إنا " - ثالثها - اعتبار الحكم على أنفسهم بالإثم نتيجة منطقية لأعمالهم، ولإخفائهم الحق، ورابعها - أن يخرجوا من زمرة الأبرار الأطهار ويدخلوا في زمرة الآثمين الأشرار، والأمر بالنسبة للذي غيب في التراب، وهو لَا ينطق بما يريد، ويبين ما عليه حاله وماله يوجب الاحتياط فيهما قبل الشهادة، والتحري على أمره بعد وفاته، فعسى أن يكون حق قد ضاع شيء، وقد تبين سبحانه حال العثور عليه، فقال: