للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هو الذي برأها، ونماها وربَّها، وفي الجملة هو الكامل العلم بالغروس والأشجار، ثم ذكر من بعد ذلك علمه الكامل بالزروع، فقال: (وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ) أي يعلم حال الحبة التي تلقى في جوف الأرض، وهو ظلماتها، وعبر عن داخل الأرض بظلمات وهو ظلمة واحدة؛ لأنه ظلمة متكاثفة متكاثرة بسبب جهل الإنسان ما يجري في باطنها من أسباب لَا يدركها الإنسان إلا بعد أن تظهر، فهو لا يعرف كيف ينتفع من الماء، وكيف تمد بالغذاء من أرض صالحة، وسماد مخصب، وكيف تتنوع في نموها، وهي تسير السير الفطري الذي سنه الله سبحانه وتعالى، أي أكد أن الله وحده هو الذي يعرف كيف يتكون من الحبة نبات يستوي على سوقه وكيف يشتد ويغلظ سوقه ليعجب الزراع.

فالنص الكريم جمع فيه تكوين الأشجار والغروس، وتكوين الزروع والحب، كما قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ فَالِق الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ. . .)، وبعد أن بين سبحانه علمه بإنشاء الغروس والزرع بين سبحانه وتعالى علمه الكامل بثمرات الغروس والنباتات في ضمن علمه الكامل بالرطب واليابس، فقال تعالى: (وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) وتفسير العلماء للرطب يتجه إلى اتجاهين: أولهما - تفسير الرطب واليابس بما يناسب الورق والحبة، وهو ما يكون ثمرًا. للأشجار رطبا أو جافا من عموم الثمار كالموز والتفاح، والقصب، وغير ذلك، وفيه توجيه للنعمة التي أنعم الله بها على عباده فوق إحاطة علمه، وقدرته في التكوين والإبداع.

وبعض المفسرين يرى أن الرطب واليابس في كل الوجود، فهو يعلم اللين والجامد في كل شيء، فهو يعلم ما في باطن الأرض من فلزات ومعادن كريمة، ومعادن سائلة، وما يكون في باطن الأرض من أحجار نباتية وغير نباتية وسائلة وجامدة.

وإني أرى ذلك الرأي وأختاره ليكون ذلك تقريبا لأكبر قدر من النعم التي أنعم الله تعالى بها على عباده.

<<  <  ج: ص:  >  >>