للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أولاهما - التعبير بـ (يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ). فإن البعث معناه الإثارة، وعبر بيبعث للإشارة إلى أن الله تعالى هو الذي يثير عليهم ذلك العذاب وعبر بـ (يبعث) بدل ينزل عليهم، لأن البعث والإثارة تعني أن النزول يكون من علٍ، ولأن البعث والإثارة فيهما معنى الإيجاد لَا ليس بموجود.

ثانيتهما - التعبير عن ذلك بكلمة (عَذَابًا) ففيها الإشارة إلى أنه في معنى الجزاء على بنيان واقع، أو أن الذين نزل بهم أكثرهم يستحقون، وهو على أية حال أمر مقصود، وقد أشار الله تعالى في آيات أخرى إلى أن الكوارث قد تكون عقابا على ذنوب سلفت، أو طغيان استحكم كقوله تعالى فيمن ينفقون من غير إيمان: (مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (١١٧).

ومثل قوله فيما نزل بقارون وداره في حال طغيانه: (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (٧٦).

إلى أن قال سبحانه عنه: (فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٧٩) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ (٨٠) فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ (٨١).

فدلت هذه النصوص على أن الله تعالى ينزل عذابا كونيا، لغرور أو طغيان أو فسق عن أمر ربهم.

وقد ذكر سبحانه وتعالى أنواعًا ثلاثة من العذاب الذي يبعثه:

الأول والثاني أن يبعث عذابا من فوق أو من تحت، (أَن يَيْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ).

<<  <  ج: ص:  >  >>