للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذي يرد إليه الأمر كله، ثم بين أنه وحده الذي يلجأ إليه المشركون، إذا اشتدت الشديدة، وحلت الكريهة، وهو القادر على أن ينزل إليهم البلاء، ويذيقهم كئوس الاختبار.

هذا تصريف في القول المحكم الصادق ليدركوا الأمور على وجوهها بعد أن يوجهوا إليها، رجاء أن يفقهوا ويدركوأ، فالرجاء هنا في قوله تعالى: (لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ) هو في حالهم إذا كانوا يعتبرون، وفيما هو من شأن ذلك التصريف في القول الحكيم، ويفقهون معناها يدركون لب الحقائق، وتنفذ بصائرهم إليها، والله سبحانه هو الحكيم الخبير العليم.

* * *

(وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (٦٦) لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٦٧) وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٦٨) وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (٦٩)

* * *

بين الله سبحانه وتعالى في الآيات السابقة أنه سبحانه وتعالى هو الذي يلجأ إليه عند الشدة، وأنهم يلجئون إليه ويدعونه تضرعا وخفية في ظلمات البر والبحر، وأنه هو وحده المنجي، ولا منجي سواه، وأنه سبحانه منزل الشدائد، وهم بعد زوال الغمة بدل أن يوفوا بعهودهم ويشكروا نعمة الله باختصاصه بالعبادة، كما اختص بالإنجاء والابتلاء - يشركون غيره ممن لَا يضر ولا ينفع، وفى هذه يقرر موقفهم من الحق، وخوضهم في أمره بالباطل مما يدل على أن

<<  <  ج: ص:  >  >>