للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن كل بلاء يهون إلا بلاء التشيع، وقد ابتلى الله تعالى به أهل الإيمان، روت الصحاح بآثار متضافرة أن أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ستبتلى بهذا البلاء (١). روى ابن جرير أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إن الله زوى لي الأرض، حتى رأيت مشارقها ومغاربها، وإن ملك أمتي سيبلغ ما زوى لي منها، وإني أعطيت الكنزين الأحمر والأبيض، وإني سألت ربى ألا يهلك قومي بسنة عامة (أي بأزمة وجوع) وألا يلبسهم شيعا، ولا يذيق بعضهم بأس بعض، فقال: يا محمد: إني إذا قضيت قضاء فإنه لَا يرد، وإني أعطيتك لأمتك ألا أهلكهم بسنة عامة، ولا أسلط عليهم عدوا ممن سواهم فيهلكوهم بعامة، حتى يكون بعضهم يهلك بعضا، وبعضهم يقتل بعضا وبعضهم يسبي بعضا " فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إني أخاف على أمتي الأئمة الضالين، فإذا وضع السيف في أمتي لم يرفع عنهم إلى يوم القيامة " (٢). اللهم إن هذه دلائل، قد رأيناها، وأضلنا الضالون من الأئمة، حتى صار بعضنا يأكل بعضا، اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا، وأجرنا من شر ذنوبنا، وعواقب أعمالنا، وتب علينا، إنك أنت التواب الرحيم.

(انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ).

يأمر الله تعالى نبيه بأن ينظر في تصريف الله تعالى آياته البينات، وهو توجيه لما في القرآن الكريم من توجيه حكيم، وإعجاز يتحدى به الإنسانية كلها، فالسورة كلها تصريف في التوجيه، وفي كل بيان جده، ألم تره نبه إلى علمه المحيط الذي لَا يغادر صغيرة ولا كبيرة فهو يعلم ما في البر والبحر، وما تسقط من ورقة إلا يعلمها، ولا حبة في ظلمات الأرض، ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين، وهو الذي يتوفى الأنفس حين موتها، والتي لم تمت في منامها، وهو


(١) من ذلك ما روى الترمذي: تفسير القرآن - ومن سورة الأنعام (٣٠٦٦) عَنْ سَعْدِ بْنِ أبِي وَقَاصم عَنْ النبى - صلى الله عليه وسلم - في هَذه الآيَة: (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) فَقَالً النبِي - صلى الله عليه وسلم -: " أمَا إِنهَاً كَائنَةٌ وَلَمْ يَأتِ تأوِيلُهَا بَعْدُ " قَالَ أبُو عيسى: هَذَا حَديثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. كما رواه أحمد في مسند العشرة (١٤٦٩).
(٢) وروَاه مسلم: الفتن وأشراط الساعة - هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض (٢٨٨٩) بلفظ مقارب.

<<  <  ج: ص:  >  >>