للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرفيق، ثم يكون بعد ذلك الصبر الكريم عن حب الانتقام، والعفو الذي تطيب به النفوس، فيقول لإخوته: (قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٩٢).

وموسى وهارون، وكانا من عباد الله الصابرين، صبرا على أذى فرعون لقومهما، كان يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم، وصبر موسى كليم الله الذي عاش في بيت فرعون عدو قومه، فصبر على مجابهة أهله، حتى اجتذب بصبره وتحمله من آمن من آل فرعون، وكان على رأسهم امرأته الطيبة الطاهرة.

وصبر كليم الله تعالى على بني إسرائيل بعد أن خرج من أرض فرعون، صبر على فساد قلوبهم، فكان يعالجه بصبر المؤمن التقي الهادي، وصبر على كفرهم، وعاود دعوتهم إلى الإيمان، وصبر عندما اتخذوا العجل إلها، وصبر عليهم وهم يقولون اجعل لنا إلها، كما لهم آلهة.

دعاهم إلى القتال ليدخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله تعالى أن يدخلوها، فقالوا له: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون.

ثم كان القتال بهؤلاء المستخذين الضعفاء في أنفسهم، الأقوياء في أبدانهم تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى، وإني أحسب أن صبره عليهم، كان كصبر أيوب، وإن اختلف الشكلان، والنوعان، ولكن كليهما صبر.

وختم سبحانه الآية بقوله: (وَكذَلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ) أي كهذا الجزاء من الهدى نجزي المحسنين، وحيث كان الإتقان والإحسان كان الصبر.

والمجموعة الثانية - تمتاز بالروحانية والزهادة في الدنيا إلا ما يكون للحلال الصرف وهم زكريا ويحيى وعيسى، وإلياس، فزكريا هو الذي كان قائما على المسجد الأقصى، وهو الذي ربَّى مريم البتول (. . . وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. . .).

<<  <  ج: ص:  >  >>