للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذي زعمتموه فيكم أنتم، وفي أوهامكم، ولا يتجاوزكم إلى غيركم ممن لم يسقط في مزاعمه مثلكم. وإن السبب في أنه تعالى لَا يراهم (معهم) أنه لَا وجود لهم، وأن الشيطان الذي سول لهم عبادتهم يتبرأ منهم كما يتبرأ المتبوعون عن التابعين في قوله تعالى: (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (١٦٦) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (١٦٧).

كذلك هنا كان الشفعاء الذين غابوا، ولم يُروا قد انقطع ما بين هؤلاء وأولئك، لأنه كان وهما ولم يكن هناك سبب يربط بينهم، فلما انكشف الأمر يوم القيامة تقطعت الحبال الواهية التي كانت تربطهم، فقال تعالى: (لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) أي تقطعت الصلة التي كانت بينكم التي خلقها وهمكم، والآن قد تكشف لكم الحق البين، وهم أنهم لَا وجود لهم إلا ما كان من أوهامكم، فماذا زالت فُقدَ الذي بينكم، ثم أكد الله تعالى هذا المعنى، فقال تعالت كلماته: (وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) أي غاب عنكم الزعم الذي كنتم مستمرين عليه مجددين له آنًا بعد آنٍ.

* * *

آيات الله في الكون وتوليد الأشياء من الأشياء بقدرته (إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (٩٥) فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٩٦) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٩٧)

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>