للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمعنى أنه شبهت حال الكافر في جهده، وثقل الإيمان عليه، بمخالفته الفطرة بذلك - بحال من يحمل عبئا ثقيلا، ويريد أن يصّاعد إلى السماء فينوء به حمله ولا يصل.

وإن ذلك يدل على أمرين: أولهما - أنه مهما يكن الجحود فإن الفطرة تقاومه، وتجعله عبئا ثقيلا، ومن يحارب الفطرة، فإنه يبوء بخسران مبين.

ثانيهما - أنها تشير إلى أن الضيق الشديد الذي جعله الله تعالى في قلب الكافر يجعله غير قادر على الرقى إلى الحقائق السماوية التي جاء بها الإسلام.

(كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ).

(كَذَلِكَ) الإشارة إلى حال المشركين التي أركسوا، والتشبيه هو تشبيه الرجس الذي ينزل بهم، و (الرِّجْسَ) أصل معناه الفتن أي الأمر القذر، الذي تستقذره النفوس وتعافه، وفيه بيان أن الكفر أمر قبيح تعافه العقول المستقيمة، وكيف تدرك العقول أن حجرا يصنع بأيديهم وهو لَا يضر ولا ينفع يعبدونه.

والمعنى لهذه الحال التي رأيناها في الكافرين، ووصف الله تعالى الكافرين بقوله: (الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ) وذلك وصف لهم بأقل أوصافهم، وهو أنهم لا يؤمنون، النفي نفي للمضارع، وهو أنه يدل على الدوام المتجدد آنًا بعد آنٍ، أي يتكرر، بتكرار الآيات التي لَا تزيدهم إلا كفرا.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>