للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: (حَرَجًا) قرئ بالفتح (١)، على أنه اسم جنس جمعي لحرجة، وهي الأشجار الملتفة التي لَا تسمح أن ترعى فيها راعية، والحرجة هي الشجرة التي تكون مختفية بين الأشجار لَا يصل إليها.

وقرى (حَرِجا) بكسر الراء (٢) بمعنى الضيق، وهي تأكيد للضيق أي ضيقا شديدا لَا يمكن أن تدخله الهداية، وعلى تفسير الحرج بالفتح على اسم جنس جمعي للحرجة قيل إن الإمام عمر رضي الله عنه هو صاحب هذا التفسير.

فقد روى أنه سأل رجلا من الأعراب من أهل البادية عن الحرجة. فقال هي الشجرة تكون بين الأشجار لَا تصل إليها راعية، ولا وحشية ولا شيء، فقال عمر رضي الله عنه، وكذلك قلب المنافق لَا يصل إليه خير.

وعلى هذا التفسير، يكون في الكلام تشبيه، أو استعارة، وهو تشبيه قلب الكافر في أنه لَا ينتفع به، ولا يصل إليه بالحرج، وهو الشجر الملتف الذي لَا ترى الأرض من تحته، ولا تصل إليه راعية ولا وحشية ولا شيء، لأنه لَا ينتفع به في شيء.

(كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ).

هذا تشبيه آخر للكافر، (يَصَّعَّدُ) أصلها يتصعد، وقلب التاء صادا، وأدغمت الصاد في الصاد، وقرئ يَصَّاعد (٣) وأصله تصاعد، وكان التصريف ما ذكرنا في يصعد، وهما بمعنى واحد، وتزيد تصاعد على تصعد؛ في أنها تدل على محاولة الصعود بعد الصعود، وذلك أثقل.


(١) (حَرَجًا) بالفتح، كلهم إلا نافع وأبو جعفر وأبو بكر. غاية الاختصار (٨٦٦).
(٢) (حَرجً) بكسر الراء، نافع وأبو جعفر وأبو بكر. السابق.
(٣) (يصَّاعد) بتشديد الصاد وبالألف، قراءة أبو بكر والمفضل عن عاصم، وقرأها (يصْعد) بالتخفيف ابن كثير، وقرأ الباقون بالتشديد بغير ألف (يصَّعَد). غاية الاختصار.

<<  <  ج: ص:  >  >>