للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونص القرآن: (وَلا تَتَبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا) والمعنى الذي هو المقصود لا تتبع المشركين المفترين على الله تعالى الذين يحرمون ما يحرمون، ويفترون على الله الكذب. فيزعمون أنه الذي حرم، وعبر عن المشركين بقوله تعالى: (وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ) لأنه لازم لاتباعهم، لأن من اتبعهم، فإنما يتبع أهواءهم المنحرفة، وكيف يتردى مؤمن في اتباع الهوى، والهوى مضل، ومُرْدٍ، وأنى يكون ذلك من نبي كريم، ومن أتباعه الكرام.

ولذلك كان النهي عن اتباع هواهم، وقد ذكر لهم أوصافا ثلاثة مع أنهم أصحاب هوى وليسوا أصحاب عقل:

الوصف الأول أو الحال الأولى من أحوالهم - أنهم كذبوا بآياتنا آي بآيات الله تعالى في الكون الدالة على وحدانيته سبحانه وتعالى، فكذبوا الآيات الدالة على وحدانيته، ومعنى تكذيبهم هذه الآيات أنهم لم يعملوا بمقتضى ما تدل عليه من القدرة القاهرة، والإرادة المختارة، وكذبوا بالآيات الدالة على نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وكذبوا بالآيات القرآنية، والأحكام التي نزل بها وحي الله تعالى على نبيه الأمين الكريم - صلى الله عليه وسلم -.

والمكذب بالحق المعلوم الذي تبهر آياته البينات، لَا يصح أن يتبع لأنه ضال مضل.

الوصف الثاني أو الحال الثانية - أنهم لَا يؤمنون بالآخرة، ومن ينكر الآخرة ينكر حقيقتين لَا ينكرهما مؤمن، ولا يقع في هذا الإنكار إلا مادي لَا يؤمن بالغيب، وهو لب الإيمان.

أولى هاتين الحقيقتين - إنكار البعث، ويقولون: إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا، وما نحن بمبعوثين، وهم بذلك يحسبون أن الله سبحانه وتعالى خلقهم عبثا، وأنه تركهم سدى، (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ).

<<  <  ج: ص:  >  >>