للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو تدعو الدولة إليه؛ لأن ذلك مناهضة للنص الكريم في القرآن، وقوله: " تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة " (١).

وقد قرر مجمع البحوث الإسلامية المنعقد في الأزهر سنة ١٩٦٥ أن الإسلام يرغِّب في النسل؛ لأنه يقوي الأمة اجتماعيا، واقتصاديا، وحربيا، ويربي في الأمة روح العزة والمنعة، وقرر أن تنظيم النسل حق للزوجين دون غيرهما، يستعملانه للضرورة، ومسئوليتهما عن الضرورة أمام الله وحده.

(وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ)

هذه هي الوصية الرابعة، وهي تتصل بالأولاد عن قرب أو عن بعد؛ لأن أخصِ الفواحش هو الزنى وقد قال تعالى: (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا).

والفواحش: جمع فاحشة، والأصل في الفحش الزيادة عن الأمر المعتدل، والفاحش هو الزائد عن المعقول، ولذا يقال غبن فاحش أي زائد عن الحد المعقول في الصفقة؛ إذ لَا يدخل في تقويم المقومين، والفواحش هي المعاصي لأنها انحراف، وزيادة عن الفطرة وخروج عن منهاجها، وعن الطريق المستقيم، والظاهر ما يعلن، ويجهر به، والجهر بالمعصية في ذاته حرام، وما بطن أي وما استتر ولم يجهر به، وهو إثم، ولكنه دون إثم المجاهرة، ومن يجهر بالمعاصي، فإن ما يفعله إثمان إثم الفعل وإثم المجاهرة، ولقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إن من أشد الناس بعدا عن الله المجاهرين " قيل: ومن هم؟ قال: " ذلك الذي يعمل عملا بالليل قد ستره الله فيصبح يقول فعلت كذا وكذا يكشف ستر الله " (٢)، ولقد قال - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه


(١) رواه أبو داود: النكاح - النهي عن تزويج من لم يلد من النساء (٢٠٥٠)، وأحمد: باقي مسند المكثرين (١٢٢٠٢). عن أنس رضيِ الله عنه.
(٢) عن أبي هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا المُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ المُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولَ: يَا فُلاَنُ، عَمِلْتُ البَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ ". متفق عليه: رواه البخاري: الأدب - ستر المسلم على نفسه (٦٠٦٩)، وَمسلمَ: الزهد والرقائق - النهي عن هتك المسلم ستر نفسه (٢٩٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>