للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ليكونوا جميعا منتمين للجماعة. . فنمت أجسامهم، ولكن من غير عواطف إنسانية فمحوا الأسرة، والجماعة معًا.

الأمر الثالث - أنه قد اتجه الميثاق الإنساني الذي أخذ على بني إسرائيل إلى الإحسان إلى الضعفاء فقال تعالى: (وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين) واليتيم هو من ققد أباه، فإن الأب هو العائل الكالئ الحامي، ومن فقده فقد انفرد في هذا الوجود، والأم وإن كانت هي الحانية العاطفة التي تغذيه بأنبل العواطف، لَا تحميه، وبالفطرة الأولى لَا تعوله؛ ولذلك لَا تعوض حماية الأب، وكلاءته.

والمسكين هو الذي أسكنته الحاجة، أو المرض المزمن، وإن كلمة المسكين بعمومها تشمل الفقير، لأن الفقير أسكنته الحاجة وأذلته، وهؤلاء جميعا الضعفاء، وإنه قد يشمل ابن السبيل أيضا، وهو الذي ينقطع عن ماله، ويكون في بلد بعيد عن بلده فهو قد أذلته الحاجة أيضا.

وفى الحقيقة إن اليتامى والمساكين بهذا العموم هم الضعاف في الجماعة، ورعاية الضعفاء وقاية لبناء الأمة من الانهيار، وإلا كانوا أشتاتا غير متراحمين يأكل بعضهم بعضا. وقدم الإحسان على اليتامى وإن كانوا أغنياء على المساكين؛ لأن اليتيم ضعيف، وإن كان كثير المال وهو ذو حاجة وإن كان غنيا، والإحسان إليه أن يقوم القائم عليه بتربيته، وألا يقهره ولا يذله، وأن يضمه إلى عياله.

فإنه إن لم يُحط بالعطف والرعاية والمحبة تربى على النفرة من الجماعة فيكون الشذَّاذ والكارهون للمجتمعات؛ ولذلك كانت النصوص الكثيرة الداعية إلي إكرام اليتيم، ولقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " خير بيوت المسلمين بيت يكرم فيه يتيم، وشر بيوت المسملين بيت يقهر فيه يتيم " (١). فاليتامى إكرامهم فيه تقوية للأمة بإنشاء نشء على الخلق القويم.

الأمر الرابع - بعد إقامة الأسرة ومراعاة الضعفاء في هذا الميثاق الإنساني الذي أخذ على بني إسرائيل وليس خاصا بهم دعا سبحانه وتعالى إلى بناء مجتمع


(١) عَن أبي هًرَيْرَة عَنْ النبِي - صلى الله عليه وسلم - قَالَْ " خَيْرُ بَيْب فِى الْمُسْلِمِينَ بَيْت فِيه يَتِيم يُحْسَنُ إِلَيْه، وشَر بَيْت فِى الْمُسْلِمِينَ بَيت فِيهِ يَتِيمٌ يُساءُ إِلَيْهِ ". [أخرجه ابن ماجه: كتاب الأدب - باب حق اليتيم (٣٦٦٩)].

<<  <  ج: ص:  >  >>