للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنه إذا كانت التقوى قوية، تكون إرادتها للحق، وعزيمتها في الخير عزيمة صادقة، لَا يقوى الشيطان على قهرها، أما النفوس المضطربة بالباطل التي فسدت فطرتها، فإن الشيطان يجد السبيل لبث شروره وإغرائه وفتنته وخديعته فيها؛ فإنها لفساد فطرتها واضطراب فكرهم - تجد فيها الشياطين داعيتهم، وهذا معنى جعلهم أولياء للشياطين، فمعنى قوله تعالى: (إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ).

أي أنهم لإفساد فطرتهم المستقيمة وجعلها معوجة، والاعوجاع دائما، يفتح ثغرات لهذا الشر، وتلك الوسوسة التي بها يكون الشياطين أولياءهم، وإنما جعل الله تعالى الولاية ليست في النفوس الإنسانية، وإنما جعلها للشياطين أنفسهم، فقال سبحانه: (إِنَّا جَعَلْنَا الشيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ)؛ لأن الشياطين يفعلون والنفوس الإنسانية تتقبل، واعوجاجها يسهل دخول الشر فيها، والولي هنا هو الموالي والنصير المتصل، فالله - سبحانه - جعل الشياطين موالى وأحباء وأصدقاء للذين لَا يؤمنون، الذينِ ليست قلوبهم مؤمنة مذعنة للحق؛ ولذا ذكر الفعل المضارع بقوله: (لِلَّذِين لَا يُؤْمِنُونَ)، أي لمن ليس من شأنهم الإيمان والإذعان للحق، فالكافرون أولياؤهم الشياطين والطاغوت.

وإن من إغواء الشياطين لبني آدم، أن ينسبوا أفعالهم إلى الله، وإلى أتباع آبائهم؛ ولذا قال تعالى:

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>