للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الطَّيِّبَاتِ وَيحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ. . .) فهي الطعام الطيب الهنيء المريء الذي تقبل عليه النفس وتهنأ به وهو لَا يعقبه ضرر: من لحم طري، وسمك شهي، وغير ذلك مما يستطيبه الإنسان.

ولا يتم الطعام الطيب ويكمل إلا إذا كان طيبا في طريق كسبه، فلا يكون قد أحذ من حرام لقوله عليه الصلاة والسلام " من نبت لحمه من حرام فالنار أولى به" (١).

فالطيب من الطعام له خاصتان أولاهما - أن يكون مستطابا في ذاته مريئا في عاقبته، والثانية أن يكون من كسب حلال.

وإنه من المقررات العلمية أن يكون من غير إسراف كما ذكر الله تعالى في الآية السابقة، ويجب أن يعالج العاقل نفسه، حتى لَا تندفع إلى الإسراف؛ ولذلك يحسن ألا يأكل كل ما يشتهي ولو كان حلالا، بل يفطم النفس في بعض الأحيان أو كلها لأمرين:

أولهما - أن ذلك تقوية للإرادة فلا يكون عبدا لبطنه، فلا يقع في الإسراف المنهي عنه.

ثانيهما - أن التمكن من أكل الحلال أمر كله لَا يدوم، فقد يصاب بالحرمان فيستعد له قبل الابتلاء به، فيكون قادرا على الصبر، وإن الله تعالى مكن الذين آمنوا من هذه الطيبات في الدنيا فقال تعالى: (قلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَئوا فِي الْحَيَاةِ الدّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ).

أي أنها مباحة في الحياة الدنيا للذين يستمتعون بحلالها من غير إسراف، ولا تقتير وقوله تعالى: (خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ)، يحتمل أن يكون المعنى أن هذه المتع يشترك في الدنيا معهم فيها غير المؤمنين، أما يوم القيامة وفي الآخرة فتكون خالصة للمؤمنين؛ لأنها تكون جزاء وفاقا لما قدموا في الدنيا،


(١) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>