للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويثبتوا، ولقد قال في ذلك ابن كثير في تفسيره والباء في قوله تعالى: (بِمَا كَذَّبُوا) للسببية أي ما كانوا ليؤمنوا بما جاءتهم به الرسل بسبب تكذيبهم بالحق أول ما ورد لهم، حكاه ابن عطية رحمه الله، وهو متجه حسن.

وذلك لأن أول خاطر يتعلق بالنفس، ويلتصق بالفكر، فيكون التخلي عنه محتاجا إلى جهد لَا يستطيعه إلا الصابرون، وإن أولئك الذين يكذبون لأول وهلة من غير نظر يصلون إلى الحق بمجهودين أولهما الانخلاع مما سبق إليهم، والثاني التماس البينات بلب سليم، وفكر مستقيم قد خلا مما يعوقه.

ولقد بين تعالى أن هذا طريق إغلاق القلوب عن نور الحق (كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ).

أي كهذه الحال التي رأيتموها من المسارعة بالتكذيب لأول وهلة والاستمساك بأهدابه، ليطبع الله على قلوب الكافرين، فلا يدخلها نور الحق، فهم سلكوا الباطل مسارعين إليه، قبل أن يتبعوا، فلما جاءهم الحق بالبينات فكان القلب قد أغلق على الباطل، فضلوا وما أضلهم الله، إذ هم الذين سدوا الطريق وإن أولئك الذين طبع الله تعالى على قلوبهم قد أفسدوا فطرتهم بإصرارهم على التكذيب، وخالفوا العهد الذي أخذ الله على بني آدم من ظهورهم ذريتهم؛ ولذا قال تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>