للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وانصروه على من يعادونه، فإن نصرته تأكيد للحق، وشكر للنعمة، وقيام بواجب الحق على أهله.

وكلا الأمرين واجبان بالنسبة للنبي الأُميّ، وهناك واجب أعظم، وهو جماع الإيمان، وفيه تنفيذ أحكام الرشاد، وهو ما قال الله تعالى: (وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ)، أي أنزل من عند الله تعالى ومصاحبا لدعوته، مؤيدا لرسالته وهو المعجزة الكبرى الخالدة، وهو القرآن، والتعبير عنه بالنور فيه استعارة فقد شبه بالنور؛ لأنه مبين للحقائق مزيل للجهالات، دافع للأوهام، كما أن النور يزيل غياهب الظلام.

واتباع القرآن اتباع لصراط الله المستقيم الذي لَا عوج فيه، وهو الخلاصة الإلهية للرسالة الإلهية، وهو سجل النبوات جميعا، فيه أحكامها، وأخبارها، ومعجزاتها.

وقد حكم الله سبحانه وتعالى على الذين قاموا بهذه الصفات بأنهم الفائزون في الدنيا باتباع الحق، وأن حياتهم كلها فاضلة وأن تكون حياتهم في الآخرة نعيما مقيما، ورضوانا من الله العزيز الحكيم، وهو أكبر الفوز العظيم، ولذا قال تعالى: (أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).

والإشارة إلى الصفات، يفيد أنها علة الحكم وسببه، أي بسبب هذه الصفات ينالون الفلاح في الدنيا والآخرة، لأن الهداية والاستقامة فلاح لَا يدركه إلا من استقامت إلى الحق نفوسهم.

وقد أشار - سبحانه وتعالى - بالبعيد للدلالة على بعد الشرف، وعلو المنزلة، وقد قصر الله تعالى الفلاح عليهم، بتعريف الطرفين، وبضمير الفصل، أي أنهم المفلحون، ولا يفلح سواهم، والقصر قصر حقيقي، إذ إنهم سلكوا الصراط المستقيم، ومن لم يسلك سبيل الله فقد سلك مثارات الشيطان، وهذا فرق ما بين الهدى والضلال.

<<  <  ج: ص:  >  >>