للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (٢٠).

وقال تعالى: (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (٢١) وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (٢٢).

وهكذا يجب ابتداء النظر إلى الكون وما فيه، وإلى النفس الإنسانية وما هي، ومم تكونت، ولقد أمر الله تعالى في الآية بالنظر إلى مآل الإنسان، وأنه داع إلى الاعتبار، ولا يمكن أن يكون قد خلق عبثا، فقال تعالى: (عَسَى أَن يَكونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ)، و " أنْ " هنا مخففة من " أنَّ " الثقيلة، وإنها ضمير الشأن، أي: وأنه الحال والشأن أن يكون قد اقترب أجلهم.

والله - سبحانه وتعالى - يذكرهم بضرورة النظر إلى الموت، وإلى أن الأجل الذي أُقِّت لحياتهم انتهى، وهذا التذكير فيه فوائد:

أولاها - أن غرور الحياة يدفع إلى الطغيان فيها، فينهوي إلى ضلالها، فإذا ذكر بالموت علم أنها فانية فيقل طغيانه وغروره بها وتلك نافذة إلى الإيمان.

ثانيها - أن تذكر الموت يدفع إلى التفكير في قيمة الحياة فإذا عرف قيمتها عرف قيمة الدنيا؛ ولذلك كان بعض الصالحين إذا عزى في وفاة قال: اللهم انفعنا بالموت، لأنه عبرة وفيه إنذار بالنهاية فإن لم يؤمن باليوم الآخر، فالحياة تكون لغير غاية.

ثالثها - أن التفكير في الموت والنظر فيه يدفع إلى الإيمان باليوم الآخر، وأن حياته ليست عبثا كما قال تعالى: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعونَ). إنها آيات الله البينات، فيها عبرة وعظة لقوم يؤمنون.

ولقد قال تعالى من بعد ذلك في استفهام تعجبي: (فَبِأيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) الفاء هنا للإفصاح عن شرط مقدر تقديره إذا لم يؤمنوا بالله الخالق المنشئ المدبر، وآياته الدالة عليه ولا في الموت النازل بهم لَا محالة، إذا لم يؤمنوا بذلك، فبأي حديث يحدَّثون به يؤمنون.

<<  <  ج: ص:  >  >>