للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي ما ساغ لنبي، أمره الله تعالى بالجهاد لجعل كلمة الله أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض حتى يثقلهم بالجراح بحيث لَا يستطيعون أن يقفوا للحرب مرة ثانية، فالإثخان المبالغة في الجراح، حتى يثقلوا عن استئناف القتال، وتكون المعركة شافية لَا تبقى من باقية، وذلك حتى لَا يتجمعوا لكم من بعد في وقت قريب، كما فعلوا في أُحُد، وحتى لَا تُثقلوا أنتم بإطعام الأسرى، وقد يكون ذلك عليكم عسيرا، وإطعامهم لَا بد منه، ولذا يقول تعالى في أوصاف المؤمنين:

(وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا)، ولكي يبد باب الخديعة والنفاق، كما حدث من بعض الأسرى.

لهذا كان النفي الذي يتضمن نهيا مؤكدا، عن أن يكون للنبي - صلى الله عليه وسلم - أسرى، والآية كما تضمنت النهي عن أخذ أسرى قبل أن يثخن في الأرض، ويُثقل العدو حتى لَا يتحرك إليه عن قريب، لما نهى عن ذلك نهى عن أخذ الفدية، في حال عدم الإثقال؛ ولذلك قال تعالى: (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يرُيدُ الآخِرَةَ) أي تريدون عرض الدنيا بالمال تأخذونه، وقد برروا أخذ الفداء بأن يكون قوة للمؤمنين، والله سبحانه وتعالى يريد الآخرة، أي يريد ما يكون نصرا غالبا مؤزرا يؤدي إلى إرضائه سبحانه.

وقصة إشارة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالفداء كانت بشورى أشار بها بعض كبار المؤمنين الصديقين، وإليك الخبر كما جاءت به كتب السنة والسيرة في أصح أخبارها.

لما كان يوم بدر جيء بالأسرى، وفيهم العباس فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ما ترون في هؤلاء الأسرى "، فقال أبو بكر: قومك وأهلك استبقهم لعل الله أن يتوب عليهم، وقال عمر: كذبوك وأخرجوك وقاتلوك؛ قدِّمهم فاضرب أعناقهم.

وقال عبد الله بن رواحة: انظر واديا كثير الحطب فأضرمه عليهم.

فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يرد عليهم مسغيا، ثم خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: " إن الله ليلين قلوب رجال منه حتى يكون ألين من اللبن ويشدد قلوب

<<  <  ج: ص:  >  >>