للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

روي عن العباس رضي الله عنه من طريق الزهري: بعثت قريش في فداء أسرهم، ففدى كل قوم أسيرهم، وقال العباس رضي الله عنه - وكان في الأسرى:

قد كنت مسلما، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " الله أعلم بإسلامك فإن يكن كلما تقول فإن الله يجزيك، وأنا ظاهرك " (فقد كان علنيا وقد كان ممن ضمن طعام جيش مكة في بدر) فافْدِ نفسك وابني أخيك نوفل بن الحارث، وعقيل بن أبي طالب وحليفك عتبة بن عمرو، وعبد الله " قال: ما ذاك عندي يا رسول الله قال - صلى الله عليه وسلم -: " فأين المال الذي دفعته أنت لأم الفضل؟ ".

قلت لها: إن أصبت في سفري هذا فهذا المال الذي فيه لبَنيِ الفضل، وعبد الله، وقثم.

قال العباس: والله يا رسول الله إني لأعلم أنك لرسول الله، إن هذا لشيء ما علمه أحد غيري وغير أم الفضل.

فاحسب لي يا رسول الله ما أصبتم مني عشرين أوقية من مالي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " لَا، ذاك شيء أعطانا الله تعالى منك، ففدى نفسه وولدَي أخويه، وحليفه " (١).

وقد قال: عوضني الله عن أربعين أوقية أربعين عبدا في الغزوات، وأعطاني زمزم، وما أحسب أن لي بها جميع مالي، وهكذا عوض الله تعالى كل من آمن من بعد ذلك وغزا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الغزوات فأصاب من خير وآتاه الله تعالى مع ذلك الإيمان والإخلاص، ومن قبل منهم في الجهاد، أعطى خيرا من كل هذا فضل الشهادة وإن فضلها لعظيم.

ثم ختم الله تعالى الآية الكريمة بقوله: (وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، أي أنه سبحانه وتعالى مع هذا العطاء المضاعف لما أخذ منكم يعطيكم شيئا غير قابل للتعويض وهو من فضل الله ورحمته وهو غفران ما أسلفتم من كفر وجحود ومعاندة لله تعالى، فهو الغفور الذي يغفر ما سبق بأبلغ درجات الغفران ويرحمكم أبلغ الرحمة.


(١) رواه أحمد: مسند بني هاشم - باقي المسند السابق (٣٣٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>