للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونقول في الجواب عن ذلك: جاء السحر في القرآن ووصف بأوصاف، نتعرف حقيقته من هذه الأوصاف. . أول وصف جاء في أخبار موسى عليه السلام مع فرعون، فقد قال تعالى في سحر آل فرعون: (قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (١١٥) قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (١١٦)، ونرى أنه يتصف بأنه سحر أعين الناس، أي أنهم لم يجعلوا الحبال أفاعي، بل إن تأثيره أنه كان في الأعين لَا في الوقائع، فتأثيرهم في الرؤية لافى تغيير الحقيقة وتحويلها من حبال إلى ثعابين، وفي سورة طه قال الله تعالى حكاية عنهم عندما التقوا يوم الزينة: (قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى (٦٥) قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (٦٦).

ونرى أن السحر تأثير في الأعين المبصرة، وليس تغيير للحقائق الواقعة فلا يكون تغييرا، ولكن يكون تأثيرًا في العيون، ولكنه تأثير نفسي قبل أن يؤثر في العين؛ ولذا قال تعالى فيما تلونا من سورة الأعراف (اسْتَرْهَبُوهُمْ) أي اتجهوا إلى إلقاء الرهبة في قلوبهم؛ ولذا جاء في سحر بابل أرض السحر أنه لَا يؤثر في النفوس إلا بما يسبق إليها من تصديقه.

ولنذكر ما عرف من سحر بابل فقد جاء ذكره في الآية التي نتعرف معناها الكريم، فقد قال تعالى: (يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ) إن تأثيره مثل له أبو بكر الرازي بمن يركب جارية تجري في الماء، فإن ضلال الأعين يجعل الناظر إلى الأشجار يحس أنها تسير لَا الباخرة.

وربط أهل بابل الذين كانوا يعبدون الكواكب تأثير سحرهم بالكواكب، وكانوا يقولون الرقى والتمائم والعقد والنفث باسمها ويوهمون العوام، والضعفاء صِدقها ويشترطون في القيام بأفعالهم الساحرة أن ينالوا أولا ثقة من يريدون التأثير فيهم، ويعقد مجالس سرية لذلك، ولقد جاء في أحكام القرآن لأبى بكر الرازي ما نصه: " وكانوا يدعون عوام الناس وجهالهم سرا، كما يفعل) الساعة (أي في أيامهم) كثير

<<  <  ج: ص:  >  >>