للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ممن يدعي ذلك مع النساء والأحداث الأغمار، والجهال الحشو، وكانوا يدعون من يعملون له ذلك إلى تصديق قولهم، والاعتراف بصحته ".

هذه إشارة إلى السحر، وما يعمله السحرة، وننتهي من ذلك إلى أن في السحر ثلاث صفات:

أولها - أنه يسبقه الثقة بالساحر ليستطيع أن يؤثر تأثيره في النفوس.

ثانيها - أنه يكون فيه إلقاء الرهبة في النفوس، وتحويلها إلى الرهبة من الساحر، كما قال تعالى: (وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ).

الثالثة - أن السحر في أعلى صوره وأدناه يؤثر في النظر، فيجعل الرائي يتخيل غير ما يرى، ولا يمكن أن يعرف الحقائق، فالحبال حبال، وإن بدت ثعابين.

وإن هذه الأوصاف تتفق الآن مع الاستهواء الذي يفعله بعض الناس بالتأثير في غيرهم وتوجيه مشاعرهم وأهوائهم، والسيطرة على خواطرهم، ويمسحون أفكارهم، وهو ما يسمى بالتنويم المغناطيسي الذي يفعله كبار المجرمين الآن، ولا حول ولاقوة إلا بالله.

هذا هو السحر فيما نعلم، وقد مهر فيه أهل بابل، حتى ضللوا به، وكان السحرة علماء، وكان اليهود يعلمون الناس السحر (وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَينِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ) فاليهود كانوا يعلمون ما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت، فهل هما ملكان حقيقيان نزلا لتعليم الناس السحر، أو طرق الوقاية منه، ولا يمكن أن نعرف طرق الوقاية إلا بمعرفة طريقة التأثير.

الظاهر أنهما ملكان؛ لأن الله تعالى سماهما ملكين، ولأن الله تعالى سمى ما كانا يقومان به أنزله تعالى عليهما، ولم يبين المدة التي أقاماها في بابل، لتعليم الوقاية منه وإنذار الناس منه، كما قال إمام الهدى علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه، وإن نزول الملك للتعليم كما ثبت بنزول جبريل في حديث الإيمان الذي رويناه آنفا.

<<  <  ج: ص:  >  >>