للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مع مالكه على أن يعتقه إذا أدى له ثمنه أو قيمته أو ما يتفقان عليه، ويسعى عاملا مجدا، حتى يجمع ثمنه، وقال تعالى: (. . . فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ. . .)، فيعطى من سهمه في الصدقات ما يعينه على فك رقبته، وكذلك يُشترى من هذا السهم عبيد ويعتقون، وكذلك تدفع منه فدية الأسارى من المؤمنين، حتى لَا يسترقُّوا، وهكذا كل ما يعرض المؤمنين للرق يمنع بدفع مال من هذا السهم.

والصنف السادس: ذكره الله سبحانه وتعالى بقوله: (وَالْغَارِمِينَ) والغارم هو المدين الذي عليه غرامة وهي الدَّين، والغرم هو الدين الذي يلزم الشخص من غير جباية ولا خيانة كانت منه، وغرم أي وجب عليه غرم، والغارم من وجب عليه هذا الغرم، والدائن يقال له غريم، لأنه يلازم المدين ولا يفارقه.

ويجب أداء دين الغارم أي المدين من الصدقات إذا كان قد استدان في غير سفه، وعجز عن السداد من غير سفه، والتجار الذين يستدينون لجلب البضائع من الأقطار في حكمة وعناية بمتجرهم، ولكن تجارتهم تبور أو تغرق مركبها، أو تذهب أموالهم بأي سبب من أسباب الضياع، وكذلك الذين تحملوا ديات للصلح بين الناس، فإنه يؤدي ما تحمَّلوه من مال الصدقات.

وإنما أديت ديون الغارمين من الصدقات للتعاون، ولإقالة العثرة، وازن بين هذا التعاون الباني والتكافل الذي بين المؤمنين، وازن بين هذا وبين القانون الروماني الذي كان قد عاصر نزول القرآن الكريم، وقد كان يجعل للدائن الحق في أن يملك رقبة المدين، وازن بين هذا القانون وقانون القرآن معجزة الله الكبرى، إذ يفرض من الصدقات سداد الدين عن المدينين.

وإن هذا القرآن يتحدى الأجيال كلها أن يأتوا بنظام بشري في أي بقعة من الأرض، أي بمثل ما أتى به من تكافل اجتماعي. ونذكر هنا قصة صادقة حدثت في عهد الحاكم العادل حاكم بني أمية عمر بن عبد العزيز، إنه ببركة العدالة وإعطاء كل ذي حق حقه فاض الخير وعم، ومن مظاهر ذلك أن والي الصدقات

<<  <  ج: ص:  >  >>