المشروعة، ونسبها سبحانه إلى الله منزلها، فقال:(فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ) وذلك لبيان لزومها ومنع تغييرها وإجمالها وضرورة إعطائها، وتعود على الذين لمزوا النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصدقات ببيان أن التقسيم من الله تعالى، وأن من يعيبه إنما يعيب الله سبحانه وتعالى.
وختم الله تعالى الآية الكريمة بقوله تعالى:(وَاللًهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) وفيه إشارة إلى أن هذا التعاون بين الأغنياء والمحاويج يربي العزة، وهو تشريع من العزيز مانح العزة، الحكيم الذي يعلم الأشياء كلها، ويدبر الأمور بمقتضى حكمته وينظمها بمقتضى علمه.
وقبل أن ننهي الكلام في آية الصدقات نشير إلى أمرين أحدهما فقهي والآخر لغوي، ونبتدئ باللغوي وذلك أن الزمخشري رحمه الله تعالى بين السبب في التعدية باللام في الأربعة الأولى وهي الفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم، وذلك لأن العطاء لهؤلاء لَا يكون إلا بالتمليك والاختصاص فالفقراء والمساكين يأخذون بالتمليك ما يعطون، وكذلك العاملون عليها والمؤلفة قلوبهم، والأربعة الأخرى كانت التعدية بـ (في) فقال تعالى: (وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ)، فإن هؤلاء لَا يأخذون، فالرقاب لا يأخذون، بل الذي يأخذ مالك الرقبة، وكذلك الغارمون لَا يأخذون، إنما الذي يأخذ هو الدائن الغريم، وابن السبيل لَا يملك، ولكن يطعم ويؤوى، والله أعلم.
أما الأمر الفقهي فهو أن الفقهاء قد اختلفوا أهذا الإحصاء للاستيعاب واختصاص العطاء في هؤلاء أم الصدقات تقسم ثمانية أقسام. فيكون لكل قسم ثُمن الصدقات، قال الشافعي بذلك، وقال جمهور الفقهاء: إنه يقسم على مجموع الأقسام الثمانية، لَا على كل قسم بحظه المعلوم، وولي الأمر ينفق لكل بما يراه أصلح وأعدل، والله سبحانه وتعالى أعلم.