للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ) الإشارة إلى الصفات التي اتصفوا بها من أنهم أولياء يناصرون بعضهم بعضا، وأنهم يطهرون نفوسهم بالصلاة، وجماعتهم بالزكاة، ويتواصلون بالمودة، ويحمون أنفسهم بالجهاد في سبيل الله تعالى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبسبب هذه الأوصاف يرحمهم الله تعالى، فيتآزرون ويجتمعون ويتحابون، وأي رحمة أعلى من ذلك، والسين - هنا وفي كل مكان تذكر فيه في القرآن - للدلالة على تأكيد الوقوع.

وقد قال في ذلك الزمخشري: السين مفيدة وجود الرحمة لَا محالة، فهي تؤكد الوعد كما تؤكد الوعيد، كما في قولك: سأنتقم منك يوما - تعني أنك لا تفوتني، وإن تباطأ ذلك، ونحوه (. . . سَيَجْعَل لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا)، (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى)، (. . . سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ. . .).

فالسين وسوف، يدلان على وقوع الفعل في المستقبل القريب والبعيد، ويؤكدان وقوعه، كما أشرنا إلى ذلك في مقام ذكرهما فيما مضى من كلامنا في معاني القرآن العظيم.

وقد بين سبحانه وتعالى قدرته على تنفيذ وعده ووعيده فقال: (إِن اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) العزيز هو القادر الغالب، مربي العزة في النفوس والجماعة، والحكيم هو الذي يضع كل أمر في موضعه.

وقد قدر الله أن عزة الجماعة تكون بترابطها وتوادها، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد، والاستعداد له، والإقبال عليه بنفوس راضية، وقلوب مؤمنة، ومن تخلف عنه، فقد ذل بعد عزة، وتفرق بعد اجتماع، والله ولي المؤمنين.

وإذا كان سبحانه قد ذكر وعيد المنافقين فمانه سبحانه يذكر وعد المؤمنين فيقول سبحانه:

<<  <  ج: ص:  >  >>