للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الداري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " الدين النصيحة. ثلاثا، قلنا: لمن؟ قال: لِلَّهِ ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم " (١).

وجاء في تفسير القرطبي: قال العلماء: النصيحة لِلَّهِ إخلاص الاعتقاد في الوحدانية ووصفه بصفات الألوهية وتنزيهه عن النقائص، والرغبة في محابه، والبعد عن مساخطه، والنصيحة لرسوله التصديق بنبوته والتزام طاعته في أمره ونهيه، وموالاة من والاه، ومعاداة من عاداه، وتوقيره، ومحبة آل بيته (أي الذين اتبعوا هديه) وتعظيمه، وتعظيم سنته، واحياؤها بعد موته بالبحث عنها والتفقه فيها والذب عنها ونشرها والدعاء إليها والتخلق بأخلاقه الكريمة - صلى الله عليه وسلم -.

والنصح لكتاب الله قراءته والتفقه فيه، والذب عنه وتعليمه، وإكرامه والتخلق به. والنصح لأئمة المسلمين بترك الخروج عليهم، وإرشادهم إلى الحق وتنبيههم فيما أغلوه من أجور المسلمين، ولزوم طاعتهم في الحق والفيام بواجب حقهم.

والنصح للعامة ترك معاداتهم، وإرشادهم، وحب الصالحين والدعاء لجميعهم، وإرادة الخير لكافتهم.

والمراد أنه لَا إثم في التخلف على من سقط عنه واجب الجهاد إذا نصحوا لله ورسوله، إن استقامت قلوبهم وألسنتهم، وقاموا بحق الإرشاد والتنبيه، وإن كان لهم رأى في الجهاد وجهوه، وكأنَّهم إذا سقط واجب الجهاد بالسيف، والاعتراك في المعركة، فإنهم يحملون واجبا آخر هو الإرشاد والتوجيه، والمعاونة بكل ما يستطيعون، وإنهم إذا كانوا كذلك فإن لهم فضل الجهاد.


(١) رواه مسلم: الأيمان - الدين النصيحة (٥٥)، عن تميم الدارى، وليس فيه ذكر الثلاث عند مسلم، وإنما ورد التكرار في رواية تميم الداري عند أبي داود: الأدب - في النصيحة (٤٩٦٦)، وباللفظ المذكور أعلاه عند أحمد: مسند الشاميين - حديث تميم الداري (١٦٤٩٤) كما ورد ذكر الثلاث في روايات أبي هريرة عند الترمذي: البر والصلة - ما جاء في النصيحة (١٩٢٦)، والنسائي: البيعة - النصيحة للإمام (٤١٩٩)، وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>