للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولنتكلم بكلمات موجزة مشيرة إلى تطهير أرواح المؤمنين: الصفة الأولى أنهم (التَّائِبُونَ)، وهم الذين يراقبون أنفسهم وتشتد فيهم قوة النفس اللوامة، فهم كلما أحسوا بأمر يدنس أمرها، أو يكون فيه شك، أو يكون غيره أولى، أو تركه أولى، تابوا فهم يراقبون أنفسهم، يتوبون دائما إلى ربهم منيبين إليه، وكان في يدهم مكيالا مملوءا ماء يزيل أي دنس يعتري نفوسهم بالتوبة كما يطهر أي غبار يقع على الثوب.

والوصف الثاني (الْعَابِدُونَ) بالقيام بحق الله تعالى، يعبدون الله كأنهم يرونه، فإن لم يكونوا يرونه فهم يشعرون بأنه يراهم، والوصفان " التائب والعابد "، مقترنان أولهما للتخلية والثاني للتحلية.

والوصف الثالث (السَّائِحُونَ) أكثر المفسرين على أن السائحين هم الصائمون فقد ورد في الأثر: " إن سياحة أمتي الصوم " (١)، ولكن نرى أنه الجهاد في سبيل الله، فقد روى أبو أمامة أن رجلا استأذن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في السياحة فقال صلى الله تعالى عليه وسلم: " إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله " (٢).

وقال بعض العلماء إن المراد السياحة في طلب العلم.

وإننا نقول: الجمع بين الآراء أن نقول السياحة تشمل كل سياحة في سبيل الله، فتشمل السياحة في الجهاد، والسياحة في نشر الإسلام، والسياحة في تعرف أحوال المسلمين، كما تشمل سبح الفكر سائحا في ملكوت الله تعالى.


(١) ذكره أبو السعود في تفيره: ج ٤، ص ١٠٤.
(٢) رواه أبو داود: الجهاد - في النهي عن السياحة (٢٤٨٦). والمقصود من السياحة المنهي عنها هنا: سكنى البرارى، وترك المباحات والمألوفات قهرا للنفس.

<<  <  ج: ص:  >  >>