للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن إتيان الله للأرض إتيان لقوة الله قوة الحق والإيمان فهو سبحانه يأتي القلوب فتزمن، ويعمرها بالإيمان، وكل عمران بالإيمان، نقص للأرض من سلطان الكفار.

وإذا دخل الإسلام أرضا كان هو الحكم وحده، لَا معقب لحكمه، أي لا يخرج منه ويجيء عقبه حكم غيره، فالإيمان الصادق إذا دخل النفوس لَا يخرج منها لأنه يكون به سكونها واطمئنانها وقرارها.

وقد قال الزمخشري، وهو ابن نجدتها (لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ) لا راد لِحُكْمِهِ، والمعقب الذي يكر على الشيء فيبطله، وحقيقة الذي يعقبه بالرد والإبطال، ومنه قيل لصاحب الحق، معقب لأنه يعفى غريمه بالاقتضاء والطلب؛ لذا قال لبيد: " طلب المعقب حقه المظلوم "، والمعنى أنه حكم للإسلام بالغلبة والإقبال، وعلى الكفر بالإدبار والانتكاس.

ومعنى قوله تعالى: (وَاللَّهُ يَحْكُمُ)، أي الله وحده يكون الحاكم للنفوس، وليست الأهواء المتحكمة، ولا قهر الأقوياء للضعفاء، إنما هو الرحمة والعدل، ولا حكم يتعقبه.

ويكون للذين كانوا يسيطرون الحساب، وإنه لقريب، وإنه لسريع؛ ولذا قال تعالى: (وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ)، أي أن الحساب آت لَا ريب، وكل آت فهو سريع، لأنه مؤكد الوقوع، وعدد السنين والشهور لَا قيمة له ما دام مؤكد الوقوع، وما يكون سريع الحساب يكون شديد؛ لأنه يفاجئ المنكرين من حيث لا يحتسبون؛ ولأن سرعة الحساب يكون لأجل غرض العقاب، ولتحقيق معنى الجزاء، وذلك يكون على قدر ما ارتكب المسيء، والله عزيز ذو انتقام.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>